Facilitación de la Exégesis

Qutb Atfayyish d. 1332 AH
188

Facilitación de la Exégesis

تيسير التفسير

Géneros

{ يؤمنون بالله } لا ككفار أهل الكتاب إذ نقضوا توحيدهم بالتثليث والنبوة والتجسيم ونحو ذلك { واليوم الأخر } لا كمن نقض إيمانه بدعوى بعث الأرواح دون الأجسام، ودعوى أربعين يوما فى النار، ودعوى أنه لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى { ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر } لا كمن يداهن ويأمر بالمنكر وينهى عن المعروف من أهل الكتاب وغيرهم { ويسارعون فى الخيرات } أنواع العبادات وأفرادها، لا كمن يتباطأ فيها أو لا يفعلها كسلا وابتاعا للهوى، أو لعدم إيمانه بيوم الجزاء عليها، ومتى أمكن فعل الخير بلا مناغصة فسارع إليها، ومتى أمكن مع تنغص له بمكدر أو قلق فأخره إلى وقت يمكن سالما، إلا أنك لا نتركه خوفا من أن تنسب للرثاء فالسرعة مخصوصة بتقديم ما ينبغى تقديمه، وهى لفرط الرغبة فيؤثرها على التراخى، والعجلة مخصوصة بتقديم ما لا يبغى تقديمه، وتطلق بمعنى المسارعة أيضا، كما يجوز إطلاق المسارعة فى السوء، قال:

وعجلت إليك رب لترضى

[طه: 84]، ولا كسائر أهل الكتاب ليسوا أمة قائمة، بل منحرفون عن الحق، ولا يقومون الليل للتعبد بتلاوة الآيات قال فى الخيرات، ولم يقل إلى الخيرات، لأن المراد الرسوخ فى قصدها { وأولئك من الصالحين } صلحت أحوالهم فاسحتقوا الثناء والثواب.

[3.115]

{ وما يفعلوا } الأمة المذكورة فى قوله: كنتم خير أمة، لا لخصوص الأمة القائمة من أهل الكتاب الصحيح { من خير } عبادة { فلن يكفروه } لن يمنعوا ثوابه، بل يشكرهم الله عليه شكر إثابة، تعدى كفر لاثنين، والأول نائب الفاعل { والله عليم بالمتقين } بشارة بأنه يجازيهم على تقواهم، وهو المذكورون أو عام.

[3.116]

{ إن الذين كفروا } قريظة والنضير، وكان عنادهم بالمال، ومشركى قريش، وعنادهم به وبالأولاد، وسائر المشركين بهما كذلك { لن تغنى } تدفع { عنهم أموالهم ولآ أولادهم } والإنسان يدفع عن نفسه بماله تارة وبأولاده أخرى، أو بهما { من الله } من عذابه { شيئا } مفعول به، أو لن تغنى عنهم إغناء { وأولئك أصحاب النار } ملازموها { هم فيها خالدون } وكان أبو جهل كثير الانتخار بالمال والولد، وأنفق أبو سفيان مالا كثيرا على المشركين يوم بدر ويوم أحد فى عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أنه أسلم بعد، وكان المشركون وأهل الكتاب كقريظة والنضير يعيرون رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالفقر، ويقولون: لو كان على الحق لم يتركه ربه فى الفقر والشدة، فأنزل الله، إن المشركين وأهل الكتاب لن تنفعهم أموالهم وأولادهم.

[3.117]

{ مثل } صفة { ما ينفقون } ينفق المشركون تقربا إلى الله على الفقراء والأرحام، وفى تجهيز جيوش الكفر كأبى سفيان يوم أحد ويوم بدر، وعلى الأصنام وسدنتها وشأنها وخوفا ورثاء كإنفاق المنافقين، وكان نفاقهم بإضمار الشرك، وإنفاق اليهود علىعلمائهم لتحريف التوراة، والذى أقول به إن المراد ما تصدقوا به تقربا إلى الله، لقوله تعالى، وما ظلمهم الله { فى هذه الحياة الدنيا كمثل ريح } كمثل مهلك ريح، بفتح اللام، وهو الحرث { فيها صر } حر أو برد أو صوت من تلك الريح، أو من النار، فى تلك الريح، وأما، إن جعلنا الصر نفس الريح الباردة أو الحارة، فالمعنى كمثل ريح بعضها صر أى حار أو بارد، أو تأكيد كقولك برد بار، أو فيها برد بارد، كجد جده { أصابت حرث قوم } زرع قوم { ظلموا أنفسهم } بالكفر والمعاصى، قيد القوم بالظلم ليدل على المبالغة، لأن الإهلاك عن السخط يكون أشد { فأهلكته } فلم ينتفعوا به، كذلك لا ينتفع دينا وأخرى المشركون بما أنفقوا من أموالهم ولو فى تقرب إلى الله، لم تقبل صدقتهم ولم يؤثر إنفاقهم فى عداوة الإسلام شيئا { وما ظلمهم الله } بتضييع نفقتهم أو ما ظلم أصحاب الحرث بإهلاكه { ولكن كانوا أنفسهم يظلمون } بوضع النفقة فى غير محلها وبالبقاء على وصف لا تقبل معه نفقة ولو وضعت فى مواضعها، وهو الشرك أو يظلمون أنفسهم بفعل ما يعاقبون عليه بإهلاك حرثهم، فالضمائر للمشركين، أو لأصحاب الحرث وأما الضمير فى ظلموا أنفسهم فلأصحاب الحرث.

[3.118]

Página desconocida