[تقديم القاضي العلامة أحمد بن سعد الدين المسوري رحمه الله تعالى]
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين، والحمد الله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله، الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى.
Página 38
قال العبد الفقير إلى الله أحمد بن سعد الدين بن الحسين بن محمد بن علي بن محمد المسوري -وفقه الله وغفر له: أخبرنا مولانا أمير المؤمنين وسيد المسلمين المؤيد بالله محمد بن أمير المؤمنين المنصور بالله القاسم بن محمد بن علي بن محمد بن علي بن الرشيد بن أحمد بن الأمير الحسين بن علي بن يحيى بن محمد بن الإمام يوسف الأصغر الملقب بالأشل ابن القاسم بن الإمام الداعي إلى الله يوسف الأكبر ابن الإمام المنصور بالله يحيى بن الإمام الناصر لدين الله أحمد بن الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين الحافظ بن الإمام ترجمان الدين نجم آل الرسول القسم بن إبراهيم طباطبا الغمر ابن إسماعيل الديباج ابن إبراهيم الشبه بن الحسن المثنى الرضا بن الحسن السبط أمير المؤمنين ابن علي الوصي الأنزع البطين، أمير المؤمنين وابن فاطمة الزهراء بنت رسول الله الأمين، محمد المصطفى المكين، مختار رب العالمين (صلى الله عليه وآله وسلم) قراءة عليه، وأنا أسمع وهو ينظر في نسخة والده أمير المؤمنين المنصور بالله عليه السلام من أول الباب التاسع عشر إلى آخر الكتاب في عام أربع وثلاثين وألف، بالدار السعيدة التي بناها صنوه السيد الأفضل الأعلم شرف الإسلام الحسن بن أمير المؤمنين -حماه الله تعالى- بقرية حبور جهات ظليمة في مجمع عظيم ومشهد كبير من السادة الأفاضل والعلماء الأماثل، ثم قراءة مني عليه، من أول الكتاب إلى الباب الرابع عشر منه في العام المذكور بمنزله عليه السلام من شهارة الأمير حرسها الله تعإلى وحماها، وهو ينظر كذلك في النسخة في تسعة وعشرين مجلسا آخرها ما بين عشاءي ليلة السبت خامس جمادى الأخرى سنة تسعة وأربعين وألف، ثم إجازة لي منه عليه السلام لهذا الكتاب مع غيره مما له فيه طريق من علوم الإسلام، في أحد شهري ربيع من عام أربعة وأربعين وألف، بمنزله عليه السلام من درب الأمير ووادي أقر -حرسها الله بالصالحين وعمر-، وهو عليه السلام يرويه بطرق إجمالية وتفصيلية فمن الإجمالية: ما كتبته عنه -سلام الله عليه- في عام أربع وثلاثين وألف، وعرضتها عليه غير مرة في إجازة طلبها منه إلى مدينة الرسول عالمها في عصره من أهل البيت (عليهم السلام) السيد العلامة جمال الدين علي بن الحسن النقيب ابن علي النقيب بن الحسن بن علي بن شدقم الحسيني المدني، وقد عدد عليه السلام أعيان كتب أهل البيت (عليهم السلام) التي هذا الكتاب أحدها، وفي مذهب أهل البت المطهرين جملة، فقال عليه السلام: فأنا أرويه، عن والدي الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد بطرقه إلى الإمام الناصر لدين الله الحسن بن علي بن داود بطرقه إلى الإمام المتوكل على الله يحيى شرف الدين بن شمس الدين بطرقه إلى المنصور بالله محمد بن علي السراجي بطرقه إلى الإمامين: المتوكل على الله المطهر بن محمد بن سليمان الحمزي القاسمي، والهادي إلى الحق عز الدين بن الحسن المؤيدي بطرقهما إلى الإمام المهدي لدين الله أحمد بن يحيى المرتضى بطرقه إلى الإمام الناصر صلاح الدين محمد بن علي، ووالده الإمام المهدي لدين الله علي بن محمد بطرقهما إلى الإمام المؤيد بالله يحيى بن حمزة بطرقه إلى الإمام المتوكل على الله المطهر بن يحيى، وولده الإمام المهدي لدين الله محمد بن المطهر بطرقهما إلى الإمام الشهيد المهدي أحمد بن الحسين بطرقه إلى الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة بن سليمان، وشيخي آل رسول الله الكبيرين العالمين: شمس الدين يحيى، وبدر الدين محمد ابني أحمد بن يحيى بن علاء بطرقهم إلى الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان بطرقه إلى الإمام المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني، وصنوه الإمام أبي طالب يحيى بن الحسين وهو صاحب كتاب الأمالي هذا من التفصيلية أنه عليه السلام يرويه بالإجازة عن والده الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد سلام الله عليه.
قال الإمام القاسم عليه السلام: وأنا أرويه عن جماعة من الشيوخ، منهم السيد العلامة أمير الدين بن عبد الله، عن السيد أحمد بن عبد الله المعروف بابن الوزير، عن الإمام يحيى شرف الدين بالاجازة العامة من الفقيه جمال الدين علي بن أحمد الشظبي المكابري الشروي، عن الفقيه علي بن زيد، عن السيد صلاح الدين عبد الله بن يحيى بن المهدي الحسني الزيدي مذهبا ونسبا، عن الفقيه نجم الدين يوسف بن أحمد بن عثمان، عن القاضي شرف الدين الحسن بن محمد النحوي، عن الفقيه المذاكر يحيى بن الحسن البحيح، عن الأمير العالم المؤيد بن أحمد، عن الأمير حسين بن محمد مصنف الشفاء والتقرير، عن الامير علي بن الحسين مصنف كتاب اللمع، عن الشيخ عطية بن محمد النجراني، عن الأميرين الكبيرين: شمس الدين وبدر الدين يحيى ومحمد ابني أحمد بن يحيى بن يحيى، عن القاضي جعفر بن أحمد بن عبد السلام، قال:...إلخ.
انتهى الإسناد الشريف لهذا الكتاب إلى مؤلفه وجامعه رحمه الله، عن طريق القاضي أحمد بن سعد الدين المسوري رحمه الله تعالى من رجال القرن الحادي عشر للهجرة.ا. ه.
Página 40
[مقدمة مرتب الكتاب]
وبه نستعين، قال القاضي الأجل شمس الدين جعفر بن أحمد بن عبد السلام بن أبي يحيى رحمه الله تعالى: أما بعد، حمدا لله على ما أنعم به من الهداية والدراية، ومنحه من ارشاد في البداية والنهاية، والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد وعلى آله الطيبين؛ فإني كنت اطلعت على أمالي السيد الإمام الناطق بالحق أبي طالب يحيى بن الحسين الهاروني (رضي الله عنه) في الأخبار التي رواها عن النبي، وفيما رواه عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام من الخطب والآداب والحكم، وما رواه،عن الأئمة من ولد أمير المؤمنين سلام الله عليهم أجمعين، وما يتبع ذلك من الروايات والآداب والأبيات المروية عن غيرهم؛ وكنت قد سمعت ذلك بالنقل الموثوق به إلى السيد أبي طالب رضي الله عنه، فرأيت الكتاب المشتمل على ذلك من محاسن الكتب ونفائس التصانيف، غير أن ما اشتمل عليه من ذلك لم يتميز فيه باب عن باب، ولا ألحق فيه الخبر بما هو من جنسه، بل كان المجلس من أماليه رضي الله عنه يحتوي على أخبار من أنواع مختلفة، نحو الترغيب في العلم وذكر أمراء السوء، وذكر حقائق الايمان وما يجري هذا المجرى، وعلمت أنه متى رغب راغب في النظر في خبر منه أحوجه ذلك إلى تفتيش طويل وعناية شديدة، وربما لا يظفر بما يريده إلا باعتبار أكثر الكتب، واطلع على ذلك جماعة من الإخوان الذين قويت رغبتهم في العلم، وتاقت [ما لبته] نفوسهم إلى الفائدة، فسألوني صرف العناية إلى ترتيب الكتاب على وجه يسهل على الراغب فيه نيل مقصوده منه، فأجبتهم إلى ما التمسوه، رغبة فيما يقع به من المنفعة، وتعرضا به لنفحات العفو والرحمة، وسميته كتاب (تيسير المطالب في أمالي السيد أبي طالب) وجعلته أبوابا يتلو بعضها بعضا على الوجه اللائق بالترتيب، وهي أربعة وستون بابا:
Página 41
الباب الأول منها: في ذكر معجزات النبيودلائله.
الباب الثاني: في فضائله وحسن شمائله.
الباب الثالث: في فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وما يتصل بذلك.
الباب الرابع: في وصاياه عليه السلام وذكر مقتله وقبره.
الباب الخامس: في ذكر فضائل فاطمة عليها السلام وما يتصل بذلك.
الباب السادس: في فضل الحسن والحسين (عليهما السلام) وما يتصل بذلك.
الباب السابع: في فضل زيد بن علي عليه السلام وما يتصل بذلك.
الباب الثامن: في فضل أهل البيت (عليهم السلام) كافة وأخبارهم وما يتصل بذلك.
الباب التاسع: في فضل العلم والحث عليه وما يتصل بذلك.
الباب العاشر: في ذكر الأحاديث والترغيب في حفظها وما يتصل بذلك.
الباب الحادي عشر: في ذكر علماء السوء والتحذير منهم وما يتصل بذلك.
الباب الثاني عشر: في ذكر الإيمان وخصاله وأخلاق المؤمن وما يتصل بذلك.
الباب الثالث عشر: في فضل القرآن وما يتصل بذلك.
الباب الرابع عشر: في الخطب والمواعظ وما يتصل بذلك.
الباب الخامس عشر: في الوضوء والطهارة وما يتصل بذلك.
الباب السادس عشر: في الصلوات وما يتصل بذلك.
الباب السابع عشر: في ذكر صلاة الجمعة وما يتصل بذلك.
الباب الثامن عشر: في صلاة العيدين وما يتصل بذلك.
الباب التاسع عشر: في الدعاء وما يتصل بذلك.
الباب العشرون: في الاستغفار وما يتصل بذلك.
الباب الحادي والعشرون: في فضل المساجد وما يتصل بذلك.
الباب الثاني والعشرون: في الزكاة والصدقة وما يتصل بذلك.
الباب الثالث والعشرون: في فضل صدقة الفطر وما يتصل بذلك.
الباب الرابع والعشرون: في فضل الصيام والاعتكاف، وفضل شهر رمضان وما يتصل بذلك.
Página 42
الباب الخامس والعشرون: في فضل السجود والحث عليه وما يتصل بذلك.
الباب السادس والعشرون: في فضل الحج وما يتصل بذلك.
الباب السابع والعشرون: في فضل الجهاد والمجاهدين وما يتصل بذلك.
الباب الثامن والعشرون: في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وما يتصل بذلك.
الباب التاسع والعشرون: فيما جاء في الامراء ومن يتولى على الناس وما يتصل بذلك.
الباب الثلاثون: في بر الوالدين وصلة الرحم وما يتصل بذلك.
الباب الحادي والثلاثون: في الصبر على احتمال كلفة الأولاد وما يتصل بذلك.
الباب الثاني والثلاثون: في الترغيب في اكتساب الخير وما يتصل بذلك.
الباب الثالث والثلاثون: في الترغيب في نفع المؤمنين وما يتصل بذلك.
الباب الرابع والثلاثون: في الترغيب في حسن الخلق وما يتصل بذلك.
الباب الخامس والثلاثون: في الترغيب في الحب في الله وذكر ما يحبه وما يتصل بذلك.
الباب السادس والثلاثون: في الترغيب في قبول العذر وما يتصل بذلك.
الباب السابع والثلاثون: في الآداب والإرشاد إلى مكارم الأفعال وما يتصل بذلك.
الباب الثامن والثلاثون: في آداب الأكل وما يتصل بذلك.
الباب التاسع والثلاثون: في الترغيب في ذكر الله سحبانه وما يتصل بذلك.
الباب الأربعون: في الترغيب في الصلواة على النبيوما يتصل بذلك.
الباب الحادي والأربعون: في ذكر أخبار عبد المطلب وأبي طالب وما يتصل بذلك.
الباب الثاني والأربعون: في الترغيب في النكاح وما يتصل بذلك.
الباب الثالث والأربعون: في الترغيب في الزهد وما يتصل بذلك.
الباب الرابع والأربعون: في ذكر الرزق وما يتصل بذلك.
الباب الخامس والأربعون: في ذم الدنيا وما يتصل بذلك.
الباب السادس والأربعون: في ذكر الورع عن المحارم وما يتصل بذلك.
Página 43
الباب السابع والأربعون: في التحذير، عن المعاصي لله سبحانه وما يتصل بذلك.
الباب الثامن والأربعون: في التحذير من الظلم وما يتصل بذلك.
الباب التاسع والأربعون: في التحذير من شرب الخمر وما يتصل بذلك. (وفي هذا الباب: التحذير من الملاهي والمعازف وذكر المسخ والخسف والقذف).
الباب الخمسون: في التحذير من الزنا وما يتصل بذلك.
الباب الحادي والخمسون: في التحذير من أذى المؤمنين وما يتصل بذلك.
الباب الثاني والخمسون: في التحذير من الغيبة وما يتصل بذلك.
الباب الثالث والخمسون: في التحذير من الرياء وما يتصل بذلك.
الباب الرابع والخمسون: في التحذير من الغضب وما يتصل بذلك.
الباب الخامس والخمسون: في الرؤيا وما يتصل بذلك.
الباب السادس والخمسون: في التحذير من صاحب السوء وما يتصل بذلك.
الباب السابع والخمسون: في ذكر رحمة الله ولطفه بعباده وما يتصل بذلك.
الباب الثامن والخمسون: في الأمراض والأعراض وما يتصل بذلك.
الباب التاسع والخمسون: في ذكر الموت وما يتصل بذلك.
الباب الستون: في ذكر التعزية وما يتصل بذلك.
الباب الحادي والستون: في ذكر الجنائز وما يتصل بذلك.
الباب الثاني والستون: في ذكر علامات الساعة وما يتصل بذلك.
الباب الثالث والستون: في ذكر شفاعة النبيوما يتصل بذلك.
الباب الرابع والستون: في ذكر الجنة والنار وما يتصل بذلك.
وبذلك تم الكتاب على كماله من غير زيادة عليه ولا نقصان منه، سوى ترتيب الأبواب وإلحاق كل شيء منه ببابه.
Página 44
الباب الأول في ذكر معجزات النبي صلى الله عليه وآله وسلم
أخبرنا القاضي الإمام أحمد بن أبي الحسن الكني -أسعده الله-، قال: أخبرنا الشيخ الإمام الزاهد فخر الدين أبو الحسين زيد بن الحسن بن علي البيهقي بقراءتي عليه: قدم علينا الري والشيخ الإمام الأفضل مجد الدين عبد المجيد بن عبد الغفار بن أبي سعد الأستراباذي الزيدي رحمه الله تعالى ، قالا: أخبرنا السيد الإمام أبو الحسن علي بن محمد بن جعفر الحسني النقيب بأستراباذ في شهر الله الأصم رجب سنة ثمان عشرة وخمسمائة، قال: أخبرنا والدي السيد أبو جعفر محمد بن جعفر بن علي خليفة الحسني، والسيد أبو الحسن علي بن أبي طالب أحمد بن القاسم الحسني الآملي الملقب بالمستعين بالله، قالا: حدثنا السيد الإمام أبو طالب يحيى بن الحسين الحسني.
قال: أخبرني أبي، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن سلام، قال: أخبرني أبي، قال: حدثني أبو سعيد سهل بن صالح، عن إبراهيم بن عبد الله، عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده.
Página 45
عن الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: قال يهودي لأمير المؤمنين عليه السلام: إن موسى بن عمران عليه السلام قد أعطي العصا فكان ثعبانا، فقال له علي عليه السلام:(لقد كان ذلك، ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم أعطي ما هو أفضل من هذا؛ إن رجلا كان يطالب أباجهل بن هشام بدين كان له عنده، فلم يقدر عليه، واشتغل عنه وجلس يشرب، فقال له بعض المستهزئين: من تطلب؟ فقال: عمرو بن هشام -يعني أباجهل-، ولي عنده دين، قالوا: فندلك على من يستخرج حقك؟ قال: نعم، فدلوه على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكان أبوجهل يقول: ليت لمحمد إلي حاجة فأسخر به وأرده، فأتى الرجل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال له: يا محمد، بلغني أن بينك وبين أبي الحكم حسبا فأنا أستشفع بك إليه، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأتاه فقال له: قم فأد إلى الرجل حقه، فقام مسرعا حتى أدى حقه إليه، فلما رجع إلى مجلسه قال له بعض أصحابه: كل ذلك فرقا (أي خوفا) من محمد! قال: ويحكم أعذروني، إنه لما أقبل إلي رأيت عن يمينه رجالا ثمانية بأيديهم حراب تتلألأ، وعن يساره ثعبانين تصطك أسنانهما وتلمع النيران من أبصارهما، لو امتنعت لم آمن أن يبعجوا بطني بالحراب ويبتلعني الثعبانان، فهذا أكثر مما أعطى موسى عليه السلام، ثعبان بثعبان موسى، وزاد الله محمدا صلى الله عليه وآله وسلم ثعبانا وثمانية أملاك).
وبه قال: أخبرني أبي رحمه الله تعالى، قال: أخبرنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب قال: حدثنا جعفر بن بشير البجلي قال: حدثنا أبان بن عثمان، قال: حدثني محمد بن مروان الذهلي، عن محمد بن سنان، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده.
عن علي عليه السلام قال: (تراءى لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جبريل بأعلى الوادي وعليه جبة من سندس، فأخرج له درنوكا من درانيك الجنة فأجلسه عليه، ثم أخبره أنه رسول الله إليه، وأمره بما أراد أن يأمره به، فلما أراد جبريل عليه السلام أن يقوم أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بطرف ثوبه قال له: ((ما اسمك؟ قال: جبريل، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلحق بالغنم فما مر بشجرة ولا مدرة إلا سلمت عليه وقالت: السلام عليك يا رسول الله))، وكان يرعى غنما لأبي طالب عمه.
وبه قال: أخبرنا أبي رحمه الله، قال: أخبرنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي، قال: أخبرنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن معاوية بن عمار.
Página 47
عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن أبيه (عليهم السلام)، قال: (إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى يوم بدر عن أن يقتل أحد من بني هاشم فأبشروا، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليا عليه السلام فقال: من هاهنا من بني هاشم فمر علي عليه السلام على أخيه عقيل بن أبي طالب،فحاد عنه، فقال له عقيل: يا ابن أمي، أما والله لقد رأيت مكاني، قال: فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: هذا أبو الفضل (أي العباس رضي الله عنه) في يد فلان، وعقيل في يد فلان ، وهذا نوفل بن الحارث في يد فلان، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى انتهى إلى عقيل فقال: ((يا أبا يزيد قتل أبوجهل، فقال: إذا لا تنازعون في تهامة فإن كنتم أثخنتم القوم وإلا فاركبوا أكتافهم، قال: فجيء بالعباس فقال له: ((افد نفسك وافد ابن أخيك، فقال: يا محمد تتركني أسأل قريشا؟ فقال: أعط مما خلفت عند أم الفضل فقلت: إن أصابني شيء في وجهي هذا فانفقيه على ولدك ونفسك، فقال: يا ابن أخي من أخبرك بهذا؟ فقال: أتاني به جبريل من عند الله، قال: ومحلوفه ما علم بها أحد إلا أنا وهي، أشهد أنك رسول الله))، قال: فرجع الأسرى كلهم مشركين إلا العباس وعقيلا ونوفلا، وفيهم نزلت هذه الآية: {يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم}[الأنفال:70]...إلى آخرها.
وبه قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني إملاء، قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن أوس الأنصاري الكوفي، قال: حدثنا نصر بن وكيع، قال: حدثنا أبي عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه.
عن أبي ذر رحمة الله عليه قال: (كنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأتاه أعرابي على ناقة له فنزل ودخل فأجلسه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمامه، ثم قال: ((حدث الناس بما كان من أمر ثعلبك)) قال: يا رسول الله، أنا رجل من أهل نجران جئت أحطب من واد يقال له: وادي السيال، فبينما أنا في الوادي أحطب الحطب على راحلتي هذه إذا أنا بهاتف يهتف من جانب الوادي:
يا حامل الجرزة من سيال
وحسن شكر آخر الليالي
ومن سعير النار والإنكال ... هل لك في أجر وفي نوال
أنقذك الله من الأغلال
فامنن فدتك النفس بالإفضال
وحلني من وهق الحبال
فالتفت فإذا ثعلب إلى شجرة، فقال الثعلب:
يا حامل الجرزة للأيتام
إعجب من الساجد للأصنام
هذا الذي بالبلد الحرام
وبالهدى والدين والأحكام
والبر والصلات للأرحام ... عجبت من شأني ومن كلامي
مستقسم للكفر بالأزلام
نبي صدق جاء بالإسلام
وبالصلاة الخمس والصيام
مهاجر في فتية كرام
غير معازيب ولا لئام فذهبت لأحله فإذا بهاتف آخر يقول:
Página 49
يا حامل الجرزة من جرز الحطب
وفيك علم ووقار وأدب ... أما ترى وأنت شيخ منحدب
أن الذي ينبئ زور وكذب
محمد أفسد ديوان العرب
فأنشأ الثعلب يقول:
إن الذي تسمعه يتبعني
يدين في الله بغير ديني
فامنن فدتك النفس بالتهويل ... ملعون جن أيما ملعون
يغريك بي عمدا لكي ترديني
من على أخ مضطهد مسكين
إن لم تغثني غلقت رهوني
قال: فأتيته فحللته.
وبه قال: أخبرنا أبو الحسين (ع) علي بن إسماعيل الفقيه رحمه الله تعالى، قال: أخبرنا الناصر للحق الحسن بن علي رضي الله عنه، قال: أخبرنا محمد بن منصور، قال: حدثنا إسماعيل بن موسى، عن عمرو بن القاسم، عن مسلم الملائي.
Página 50
عن حبة العرني: أن عليا عليه السلام سار حين فارقته الخوارج فاعترضوا الناس وأخذوا الأموال والدواب والكراع والسلاح، ودخلوا القرى وقتلوا، وساروا حتى انتهوا إلى النهروان فأقام بها أياما يدعوهم ويحتج عليهم، فأبوا أن يجيبوه وتعبوا لقتاله، فعبأ الناس، ثم خرج إليهم فدعاهم فأبوا أن يدخلوا وبدأوا بالقتال، فقاتلهم وظهر عليهم فقال لأصحابه: (فيهم رجل له علامة، قالوا: وما هي يا أمير المؤمنين؟ قال: رجل أسود منتن الريح إحدى يديه مثل ثدي المرأة إذا مدت كانت بطول الأخرى وإذا تركت كانت كثدي المرأة، عليها شعرات مثل شعر الهرة؛ فذهبوا ثلاث مرات يطلبونه وكل ذلك لا يجدونه فرجعوا وقالوا: يا أمير المؤمنين ما وجدناه فقال: والله ما كذبت ولا كذبت وإني لعلى بينة من الله، وإنه لفي القوم ائتوني بالبغلة فأتوه بها، فركب وتبعه الناس فانتهى إلى وهدة من الأرض فيها قتلى بعضهم على بعض، فقال: قلبوا قتيلا على قتيل فاستخرج الرجل وعليه قميص جديد فقال: شقوا عنه فشقوا عنه، فقال: مدوا يده فإذا هي بطول الأخرى، فقال: دعوها فإذا هي مثل ثدي المرأة، فقال: إن به علامة أخرى، شامة حمراء على كتفه الأيمن، ثم قال علي عليه السلام: الله أكبر وكبر المسلمون، فقال: صدق الله وصدق رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقتالهم وأخبرني أن فيهم هذا الرجل المخدج).
وبه قال: أخبرنا أبي رحمه الله تعالى قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: أخبرنا محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير البجلي، قال: حدثنا أبان بن عثمان الأحمر، قال: حدثني زرارة، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن أبيه عن جده.
عن علي عليه السلام قال: (أهدت الخيبرية شاة مصلية (أي مشوية) إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعنده رجلان، فقالت: هذه يا أبا القاسم هدية، فأخذ أحدهما لقمتين والآخر لقمة، وأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذراع؛ وقد كانت سألت: أي شيء يحب من الشاة؟ فلما أخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذراع كلمته، فقالت: هي مسمومة فوضعها وقال للرجلين:((أنتما لا تأكلا)) فأما صاحب اللقمتين فلم يلبث أن مات، وأما صاحب اللقمة فمكث يومين وليلتين ومات، فقال لها صلى الله عليه وآله وسلم وهي زينب بنت الحارث أخت مرحب يا عدوة الله ما دعاك إلى هذا؟ قالت: قلت رجالي، فقلت إن كان ملكا أرحت الناس منه وإن كان نبيا فسيعلم.
Página 52
وبه قال: أخبرنا أبي رحمه الله تعالى، قال: أخبرنا أبو أحمد إسحاق بن محمد المقري الكوفي، قال: أخبرنا محمد بن سهل بن ميمون العطار، قال: أخبرني أبو محمد عبد الله بن محمد البلوي، قال: حدثني عمارة بن زيد، قال: حدثني بكر بن حارثة، عن محمد بن إسحاق، عن عيسى بن معمر، عن عبد الله بن عمرو الخزاعي.
Página 53
عن هند بنت الجون قالت: (نزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خيمة خالتها أم معبد ومعه أصحاب له، وكان من أمره في الشاة ما قد عرفه الناس، فقال في الخيمة هو وأصحابه حتى أبردوا، وكان يوما قايضا شديدا حره، فلما قام من رقدته دعا بماء فغسل يديه فأنقاهما، ثم مضمض فاه ومجه إلى عوسجة كانت إلى جانب خيمة خالتها -أي خالة هند وهي أم معبد وليست خالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما في بعض نسخ الأمالي فهو وهم، وقد ذكره الحاكم في جلاء الأبصار- فلما كان من الغد أصبحنا وقد غلظت العوسجة حتى صارت أعظم دوحة عادية رأيتها، وشذب الله شوكتها، وساخت عروقها، واخضر ساقها وورقها، ثم أثمرت بعد ذلك وأينعت بثمر أعظم ما يكون من الكمال في لون الورس المسحوق، ورائحة العنبر وطعم الشهد، والله ما أكل منها جائع إلا شبع، ولا ظمآن إلا روي، ولا سقيم إلا برئ، ولا أكل من ورقها بعير ولا ناقة ولا شاة إلا در لبنها ورأينا النمى والبركة في أموالنا منذ نزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأخصبت بلادنا وأمرعت، فكنا نسمي تلك الشجرة المباركة، وكان من ينتابنا من حولنا من البوادي يستشفون بها ويتزودون من ورقها، ويحملونها معهم في الأرض القفار فتقوم لهم مقام الطعام والشراب.
Página 54
فلم تزل كذلك وعلى ذلك، حتى أصبحنا ذات يوم وقد تساقط ثمرها واصفر ورقها، فحزنا لذلك وفزعنا له، فما كان إلا قليلا حتى جاء نعي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا هو قد قبض في ذلك اليوم وكانت بعد ذلك اليوم، تثمر دونه في الطعم والعظم والرائحة، وأقامت على ذلك ثلاثين سنة.
فلما كان ذات يوم أصبحنا فإذا بها قد أشوكت من أولها إلى آخرها وذهبت نضارة عيدانها وتساقط جميع ثمرها، فما كان إلا يسيرا حتى وافانا مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، فما أثمرت بعد ذلك قليلا ولا كثيرا وانقطع ثمرها.
ولم نزل ومن حولنا نأخذ من ورقها، ونداوي به مرضانا، ونستشفي به من أسقامنا، فأقامت على ذلك مدة وبرهة طويلة، ثم أصبحنا وإذا بها يوما قد انبعث من ساقها دم عبيط (أي طري) جار، وورقها ذابل يقطر ماء كماء اللحم فعلمنا أن قد حدث حدث فبتنا فزعين مهمومين نتوقع الداهية، فأتانا بعد ذلك قتل الحسين بن علي عليه السلام، ويبست الشجرة وجفت وكسرتها الرياح والأمطار بعد ذلك، فذهبت واندرس أصلها).
Página 55
* قال محمد بن سهل: فلقيت دعبل بن علي الخزاعي بمدينة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فحدثته بهذا الحديث فقال: حدثني أبي عن جده، عن أمه سعدى بنت مالك الخزاعية أنها أدركت تلك الشجرة وأكلت من ثمرها على عهد أميرالمؤمنين علي عليه السلام، قال دعبل: فقلت قصيدتي:
زر خير قبر بالعراق يزار
لم لا أزورك يا حسين لك الفدى
ولك المودة في قلوب ذوي النهى ... واعص الحمار فمن نهاك حمار
نفسي ومن عطفت عليه نزار
وعلى عدوك مقتة ودمار
* قال السيد أبو طالب رضي الله عنه: ما حدث بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من هذه الأحوال يكون معجزا أو يجب أن يكون قد تقدم منه الإخبار فيقع المخبر به مطابقا للخبر.
وبه قال: أخبرنا أبي رحمه الله، قال: أخبرني محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، قال: حدثني جعفر بن بشير البجلي، قال: حدثني أبان بن عثمان الأحمر، قال: حدثني أبو بصير عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده.
Página 56
عن علي عليه السلام في حديث جعفر بن أبي طالب رضوان الله عليه: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان جالسا في المسجد وقد خفض له كل رفع وهو ينظر إليهم يقتلون والناس عنده وكأن على رؤوسهم الطير وهو يقول صلى الله عليه وآله وسلم: ((تهيأ القوم وتعبوا والتقوا، ثم قال: صلى الله عليه وآله وسلم: قتل جعفر إنا لله وإنا إليه راجعون وأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التفظيع في بطنه، قال: وكان في يد جعفر عرق من لحم ينهسه يتقوى به إذ سمع الحطمة في المسلمين فطرح العرق من يده وما فيه، ثم أخذ السيف وتقدم وهو يقول:
يا حبذا الجنة واقترابها
والروم روم قد دنى عذابها ... طيبة وبارد شرابها
علي إن لاقيتها ضرابها
وقاتل حتى قتل.
* قال أبان: وحدثني الفضل بن بشار، عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام، قال: أصيب جعفر خمسين جراحة، في وجهه أكثر ذلك وقطعت يداه وأبدله الله عز وجل بهما جناحين في الجنة.
* قال السيد أبو طالب رضي الله عنه: ما في الخبر من ذكر البيتين يجب أن يكون من إنشاد أمير المؤمنين عليه السلام من حيث نقل إليه ذلك من بعد، فذكرهما في جملة القصة لأن الظاهر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه لم يكن ينشد الشعر.
Página 57
وبه قال: أخبرنا أبي رحمه الله، قال: أخبرنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: أخبرنا محمد بن الحسن الصفار، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله البرقي، عن علي بن الحكم، عن أبان بن تغلب، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن أبيه، عن جده.
عن علي (عليهم السلام) قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا خطب جمع له كثيب فقام عليه وأسند ظهره إلى جذع، فلما وضع المنبر في موضعه وقام عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم خار الجذع، فنزل إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فالتزمه، ثم كلمه فسكته، فلولا كلامه لخار إلى يوم القيامة).
وبه قال: أخبرنا أبي رحمه الله، قال: أخبرنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه، قال: حدثنا محمد أبو حاتم بن إدريس، عن سلمة بن الخطاب، عن محمد بن منصور المكي، قال: حدثني يحيى بن سليم الطائفي، قال: أخبرنا عثمان بن سعيد بن جبير، عن أبيه.
Página 58
عن ابن عباس رضي الله عنه ما قال: (دخلت فاطمة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهي تبكي، فقال لها: ما يبكيك يا بنية؟ قالت: يا أبت ما لي لا أبكي وهؤلاء الملأ من قريش يتعاهدون باللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى، فما منهم رجل إلا وقد عرف نصيبه من دمك، قال: يا بنية ائتيني بوضوء فتوضأ، ثم خرج إلى المسجد، فلما رأوه قالوا: هاهو ذا فطأطأوا رؤوسهم).
وفي رواية أخرى: (ضرب الله بأذقانهم على صدورهم، فتناول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبضة من التراب وهو في الحجر فحصبهم بها وقال:((شاهت الوجوه)) فما أصاب رجلا منهم حصاة من حصاته إلا قتل يوم بدر كافرا).
وبه قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن زيد بن علي بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: أخبرنا الناصر للحق الحسن بن علي رضوان الله عليه، قال: حدثنا محمد بن علي بن خلف العطار، عن عمرو بن عبد الغفار، قال: حدثنا محمد بن فضيل، عن يزيد بن أبي زياد،
عن عبد الله بن الحارث بن نوفل، قال: سمعت عليا عليه السلام يقول: (لما أردت أن آخذ في غسل النبي صلى الله عليه وآله وسلم هويت إلى القميص لأنزعه فنوديت من جانب البيت. دع القميص).
Página 59
* قال السيد الإمام أبو طالب الحسني: هذا يكون من جملة معجزات النبي صلى الله عليه وآله وسلم التي أخبر بوقوعها قبل موته.
وبه قال: أخبرنا محمد بن بندار، قال: حدثنا الحسن بن سفيان، قال: حدثنا عمار بن الحسن، قال: حدثنا سلمة، قال: وحدثني محمد بن إسحاق، عن سعيد بن مينا.
عن جابر قال: (عملنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الخندق وكانت عندي شويهة سمينة فقلنا: والله لو صنعناها لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأمرت امرأتي فطحنت شيئا من شعير، وصنعت لنا منه خبزا وذبحت تلك الشاة فشويناها لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلما أمسينا وأراد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الانصراف عن الخندق وكنا نعمل فيه نهارا، فإذا أمسينا رجعنا.
قال: فقلت: يا رسول الله إني قد صنعت لك شويهة كانت عندنا وصنعنا شيئا من خبز هذا الشعير فأحب أن تنصرف معي إلى منزلي وإنما أريد أن ينصرف معي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحده، فلما قلت له ذلك، قال: نعم.
ثم أمر صارخا فصرخ أن انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى بيت جابر.
Página 60
قال: فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون فأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأقبل الناس معه فجلس وأخرجنا إليه، قال: فبرك وسمى وأكل وتواردها الناس، كلما فرغ قوم قاموا، وجاء ناس، حتى صدر أهل الخندق عنها وهم ثلاثة آلاف).
وبه قال: أخبرنا محمد بن بندار، قال: حدثنا الحسن بن سفيان، قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا إسماعيل، عن عمر، عن رجل من بني سلمة ثقة.
عن جابر بن عبد الله الأنصاري: أن ناضحا لبعض بني سلمة اغتلم وكان ينضح عليه فصال عليهم وامتنع حتى عطشت نخيله فذهب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاشتكى ذلك إليه، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((إنطلق)) فذهب النبي صلى الله عليه وآله وسلم معه فلما بلغ باب النخيل، قال: يا رسول الله، لا تدخل فإني أخاف عليك منه، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ادخلوا فلا بأس عليكم منه فلما رآه الجمل أقبل يمشي وأصغى رأسه حتى قام بين يديه، فسجد، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((ائتوا جملكم فاخطموه، فأتوه فخطم فقالوا: سجد لك يا رسول الله حين رآك، فقال: لا تقولوا ذلك، لا تبلغوا بي ما لم أبلغ، فلعمري ما سجد لي ولكن الله سخره لي)).
Página 61