251

Taysir Bi Sharh

التيسير بشرح الجامع الصغير

Editorial

مكتبة الإمام الشافعي

Edición

الثالثة

Año de publicación

١٤٠٨هـ - ١٩٨٨م

Ubicación del editor

الرياض

فِي رِوَايَة فرش (عَلَيْهِم) شيأ (من نوره) عبارَة عَمَّا نصب من الشواهد والبراهين وَأنزل من الْآيَات وَالنّذر (فَمن) شَاءَ الله هدايته (أَصَابَهُ من ذَلِك النُّور يَوْمئِذٍ) فخلص من تِلْكَ الظلمَة و(اهْتَدَى) إِلَى إِصَابَة طرق السُّعَدَاء (وَمن أخطأه) ذَلِك النُّور لعدم مُشَاهدَة تِلْكَ الْآيَات (ضل) أَي بَقِي فِي ظلمَة الطبيعة متحيرا كالأنعام أَو المُرَاد خلق الذَّر الْمُسْتَخْرج من صلب آدم فَعبر بِالنورِ عَن الألطاف وإشراق لمع برق الْعِنَايَة ورمز بأصاب وَأَخْطَأ إِلَى ظُهُور أثر تِلْكَ الْعِنَايَة فِي الْإِنْزَال من هِدَايَة بعض وضلال بعض (حم ت ك عَن ابْن عَمْرو) بن الْعَاصِ وَصَححهُ الْحَاكِم وَابْن حبَان
(أنّ الله خلق آدم من قَبْضَة) أَصْلهَا مَا انْضَمَّ عَلَيْهِ الْيَد من كل شَيْء (قبضهَا من جَمِيع) أَجزَاء (الأَرْض) أَي ابْتَدَأَ خلقه من قَبْضَة وَهَذَا تخييل لعظمته تَعَالَى شَأْنه وَأَن كل المكونات منقادة لإرادته فَلَيْسَ ثمَّ قَبْضَة حَقِيقَة أَو المُرَاد أَن عزرائيل قبضهَا حَقِيقَة بأَمْره تَعَالَى (فجَاء بَنو آدم على قدر الأَرْض) أَي على لَوْنهَا وطبعها فَمن الْحَمْرَاء أَحْمَر وَمن الْبَيْضَاء أَبيض وَمن سهلها سهل الْخلق لين رَقِيق وَمن حزنها ضدّه وَلِهَذَا (جَاءَ مِنْهُم الْأَبْيَض والأحمر وَالْأسود وَبَين ذَلِك) من جَمِيع الألوان (والسهل) اللين المنقاد (والحزن) بِالْفَتْح الغليظ الطَّبْع الجافي القاسي (والخبيث وَالطّيب) فالخبيث من الأَرْض السبخة وَالطّيب من العذبة الطّيبَة قَالَ الْحَكِيم وَكَذَا جَمِيع الدَّوَابّ والوحوش فالحية أبدت جوهرها حَيْثُ خانت آدم حَتَّى لعنت وأخرجت من الْجنَّة والفأر قرض حبال سفينة نوح والغراب أبدى جوهره الْخَبيث حَيْثُ أرْسلهُ نوح من السَّفِينَة ليَأْتِيه بِخَبَر الأَرْض فَأقبل على جيفه وَتَركه وَهَكَذَا (حم د ت ك هق عَن أبي مُوسَى) الْأَشْعَرِيّ قَالَ الترمذيّ ثمَّ ابْن حبَان صَحِيح
(إنّ الله خلق الْخلق) أَي الْمَخْلُوقَات إنسا وجنا وملكا ثمَّ جعلهم فرقا (فجعلني) صيرني (فِي خير فرقهم) بِكَسْر فَفتح أشرفها من الْإِنْس (وَخير الْفَرِيقَيْنِ) الْعَرَب والعجم (ثمَّ تخير الْقَبَائِل) أَي اخْتَار خيارهم فضلا (فجعلني فِي خير قَبيلَة) من الْعَرَب هَذَا بِحَسب الإيجاد أَي قدّر إيجادي فِي خَيرهَا قَبيلَة (ثمَّ تخير الْبيُوت) أَي اخْتَارَهُمْ شرفا (فجعلني فِي خير بُيُوتهم) أَي فِي أشرف بُيُوتهم (فَأَنا) فِي سَابق علم الله (خَيرهمْ نفسا) أَي روحا وذاتا إِذْ جعلني نَبيا رَسُولا فاتحا خَاتمًا (وَخَيرهمْ بَيْتا) أَي أصلا إِذْ جِئْت من طيب إِلَى طيب إِلَى صلب عبد الله بِنِكَاح لَا سفاح (ت عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب
(إنّ الله خلق آدم من طين) وَفِي رِوَايَة من تُرَاب (الْجَابِيَة) بجيم فموحدة فمثناة تحتية قَرْيَة أَو مَوضِع بالشأم وَالْمرَاد أَنه خلقه من قَبْضَة من جَمِيع أَجزَاء الأَرْض ومعظمها من طين الْجَابِيَة (وعجنه بِمَاء من مَاء الْجنَّة) ليطيب عنصره وَيحسن خلقه ويطبع على طباع أَهلهَا ثمَّ صوّره وَركب جسده وَجعله أجوف ثمَّ نفخ فِيهِ الرّوح فَكَانَ من بديع فطرته وَعَجِيب صَنعته (ابْن مردوية) فِي تَفْسِيره (عَن أبي هُرَيْرَة) وَرَوَاهُ عَنهُ أَيْضا ابْن عدي وَإِسْنَاده ضَعِيف
(إِن الله خلق لوحا مَحْفُوظًا) وَهُوَ الْمعبر عَنهُ فِي الْقُرْآن بذلك وبالكتاب الْمُبين وبأم الْقُرْآن (من درّة بَيْضَاء) لؤلؤة عَظِيمَة كَبِيرَة (صفحاتها) جنباتها ونواحيها (من ياقوتة حَمْرَاء) فِي غَايَة الْإِشْرَاق والصفاء (قلمه نور) وَلَيْسَ كالقلم القصبي (وَكتابه نور) بَين بذلك أَن اللَّوْح والقلم ليسَا كألواح الدُّنْيَا المتعارفة وَلَا كأقلامهما (لله فِي كل يَوْم سِتُّونَ وثلثمائة لَحْظَة يخلق ويرزق وَيُمِيت ويحيي ويعز ويذل وَيفْعل مَا يَشَاء) فَإِذا كَانَ العَبْد على حَالَة مرضية أَدْرَكته اللحظة على حَالَة مرضية فوصل إِلَى الأمل من

1 / 252