Taysir Bi Sharh
التيسير بشرح الجامع الصغير
Editorial
مكتبة الإمام الشافعي
Número de edición
الثالثة
Año de publicación
١٤٠٨هـ - ١٩٨٨م
Ubicación del editor
الرياض
غَيْرك فَإِن الشكوى إِلَيْهِ لَا تجدي (وَقلة حيلتي وهواني على النَّاس) أَي احتقارهم إيَّايَ واستهانتهم بِي (يَا أرْحم الرَّاحِمِينَ) أَي يَا مَوْصُوفا بِكَمَال الْإِحْسَان بجلائل النعم ودقائقها والشكوى إِلَيْهِ تَعَالَى لَا تنَافِي أمره بِالصبرِ فِي النُّصُوص القرآنية (إِلَى من تَكِلنِي) أَي تفوّض أَمْرِي (إِلَى عدوّ يتجهمني) بِالتَّشْدِيدِ أَي يلقاني بغلظة وَوجه كريه (أم إِلَى قريب) من النّسَب (ملكته أَمْرِي) أَي جعلته متسلطا على إيذائي وَلَا أَسْتَطِيع دَفعه (إِن لم تكن ساخطا عليّ) وَفِي رِوَايَة إِن لم يكن لَك سخط عليّ (فَلَا أُبَالِي) بِمَا تصنع بِي أعدائي (غير أَن عافيتك) الَّتِي هِيَ السَّلامَة من البلايا والمحن والمصائب (أوسع لي أعوذ بِنور وَجهك) أَي ذاتك (الْكَرِيم) أَي الشريف (الَّذِي أَضَاءَت لَهُ السَّمَوَات وَالْأَرْض) جمع السَّمَوَات وأفرد الأَرْض لِأَنَّهَا طَبَقَات متفاضلة بِالذَّاتِ مُخْتَلفَة بِالْحَقِيقَةِ (وأشرقت لَهُ الظُّلُمَات) بِبِنَاء أشرقت للْمَفْعُول من شَرقَتْ بالضوء تشرق إِذا امْتَلَأت بِهِ (وَصلح) بِفَتْح اللَّام وتضم (عَلَيْهِ أَمر الدُّنْيَا وَالْآخِرَة) استقام وانتظم (أَن تحل عليّ غضبك) أَي تنزله بِي أَو توجبه على (أَو تنزل عليّ سخطك) غضبك فَهُوَ من عطف الرديف للاستعطاف (وَلَك العتبى) بِضَم الْمُهْملَة آخِره ألف مَقْصُورَة اسْم من الأعتاب والأعتاب كَمَا قَالَ الْخَلِيل مُخَاطبَة الادلال ومذاكرة الموجدة (حَتَّى ترْضى) أَي أسترضيك حَتَّى ترْضى (وَلَا حول وَلَا قوّة إِلَّا بك) استعاذ بِهَذَا بعد استعاذته بِذَاتِهِ تَعَالَى رمزا إِلَى أَنه لَا تُوجد نابضة حَرَكَة وَلَا قابضة سُكُون فِي خير وَشر إِلَّا بأَمْره التَّابِع لمشيئته وَفِي هَذَا من كَمَال خوف الْمُصْطَفى من ربه مَا لَا يخفى وَكلما ارْتَفَعت منزلَة العَبْد عظم خَوفه وَفِيه أبلغ ردّ على الْإِسْنَاد ابْن فورك حَيْثُ ذهب إِلَى أَن الْوَلِيّ لَا يجوز أَن يعرف أَنه ولى لِأَنَّهُ بسلبه الْخَوْف وَيُوجب لَهُ الْأَمْن فإنّ الْأَنْبِيَاء إِذا كَانُوا أشدّ النَّاس خوفًا مَعَ علمهمْ بنبوتهم فَكيف بغيرهم (طب عَن عبد الله ابْن جَعْفَر) بن أبي طَالب
(اللَّهُمَّ واقية كواقية الْوَلِيد) أَي الْمَوْلُود يَعْنِي أَسأَلك كلاءة وحفظا كحفظ الطِّفْل الْمَوْلُود أَو أَرَادَ مُوسَى ألم نربك فِينَا وليدا يَعْنِي كَمَا وقيت مُوسَى شَرّ فِرْعَوْن وَهُوَ فِي حجره فقني شَرّ قومِي وَأَنا بَينهم وَفِي هَذَا مَا لَا يخفى من دوَام افتقار الْمُصْطَفى ودوام التجائه إِلَى ربه وَلَا يتَحَقَّق بِهَذَا الْوَصْف إِلَّا عبد كوشف بَاطِنه بصفاء الْمعرفَة وأشرق صَدره بِنور الْيَقِين وخلص قلبه إِلَى بِسَاط الْقرب وجلى سرّه بلذاذة المسامرة فَبَقيت نَفسه بَين هَذِه كلهَا أسيرة مأمورة (ع عَن عمر) بن الْخطاب وَفِي إِسْنَاده مَجْهُول
(اللَّهُمَّ كَمَا حسنت خلقي) بِالْفَتْح أَي أوصافي الظَّاهِرَة (فَحسن خلقي) بِالضَّمِّ أَي أوصافي الْبَاطِنَة الَّتِي هِيَ منَاط الْكَمَال لأقوى على تحمل أثقال الْخلق وأتخلق بتحقق الْعُبُودِيَّة والرضاب بِالْقضَاءِ ومشاهدة لربوبية (حم عَن ابْن مَسْعُود) بِإِسْنَاد جيد جدّا
(اللَّهُمَّ احفظني بِالْإِسْلَامِ قَائِما) أَي حَال كوني قَائِما وَكَذَا مَا بعده (واحفظني بِالْإِسْلَامِ قَاعِدا واحفظني بِالْإِسْلَامِ رَاقِدًا) أَرَادَ فِي جَمِيع الْحَالَات ومقصوده طلب الْكَمَال وإتمام النِّعْمَة عَلَيْهِ بإكمال دينه (وَلَا تشمت بِي عدوّا وَلَا حَاسِدًا) لَا تنزل بِي بلية يفرح بهَا عدوّي وحاسدي (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك من كل خير خزائنه بِيَدِك وَأَعُوذ بك من كل شَرّ خزائنه بِيَدِك) وَفِي رِوَايَة بيديك فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَالْيَد مجَاز عَن القوّة المتصرفة وتثنيتها بِاعْتِبَار تنويع التَّصَرُّف فِي الْعَالمين (ك عَن ابْن مَسْعُود) وَغَيره وَصَححهُ
(اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلك مُوجبَات رحمتك) بِكَسْر الْجِيم جمع مُوجبَة وَهِي الْكَلِمَة الَّتِي أوجبت
1 / 213