La Interpretación de los Diferentes Hadices
تأويل مختلف الحدي ث
Editorial
المكتب الاسلامي
Número de edición
الطبعة الثانية-مزيده ومنقحة ١٤١٩هـ
Año de publicación
١٩٩٩م
Ubicación del editor
مؤسسة الإشراق
تَوْثِيق الحَدِيث:
وعَلى الرغم من عدم التدوين إِلَّا أَن الصَّحَابَة مَعَ ذَلِك اتَّخذُوا بعض الاحتياطات الَّتِي لَا بُد مِنْهَا للوثوق بِرِوَايَة الحَدِيث، وتحروا الدقة فِي نَقله، فقد كَانَ أَبُو بكر الصّديق لَا يقبل الحَدِيث إِلَّا من راوٍ يُؤَيّدهُ شَاهد، وَعمر بن الْخطاب كَانَ يطْلب من الرَّاوِي أَن يَأْتِي بِالْبَيِّنَةِ على رِوَايَته، وَعلي بن أبي طَالب كَانَ يسْتَحْلف الرَّاوِي. وَلَكِن هَذِه الاحتياطات -وَإِن حققت الْغَرَض مِنْهَا فِي عهد الصَّحَابَة- إِلَّا أَن الْحَاجة أَصبَحت ماسة فِيمَا بعد إِلَى التدوين؛ نظرا لتفرق الصَّحَابَة وانقراضهم تدريجيًا، وَدخُول الْإِسْلَام إِلَى بِلَاد جَدِيدَة وانسياح الْمُسلمين فِي الأَرْض، وتناقل حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَن الْأَصْحَاب شفاهة بالروايات ذَات السَّنَد الصَّحِيح أَو غَيره.
وَقد كَانَ لعدم تدوين السّنة أثران:
"أَحدهمَا": أَنه دفع عُلَمَاء الْمُسلمين إِلَى بذل جهود خَاصَّة فِي دراسة حَال رُوَاة الحَدِيث ودرجة الثِّقَة بهم، وانقسمت الأحادث بِاعْتِبَار رواتها إِلَى قَطْعِيَّة الثُّبُوت وظنية الثُّبُوت، كَمَا انقسمت دَرَجَات الحَدِيث من حَيْثُ الْقبُول وَالرَّدّ إِلَى صَحِيح وَحسن وَضَعِيف، وَأسسَ فن الرِّوَايَة وَوضعت فِيهِ مؤلفات.
"وَثَانِيهمَا" أَن عدم التدوين ترك فرْصَة للتحريف وَالزِّيَادَة وَالنَّقْص خطأ أَو عمدا، لذَلِك لم يجمع الْمُسلمُونَ على السّنة كلهَا كَمَا أَجمعُوا على الْقُرْآن كُله، مِمَّا أدّى إِلَى اخْتلَافهمْ فِي الِاحْتِجَاج بهَا حسب دَرَجَة اعْتِبَار الصِّحَّة لديهم.
التحزب السياسي والانقسام المذهبي:
إِن الانحياز والتحزب السياسي الَّذِي نَشأ بِسَبَب مَفْهُوم الْخلَافَة وَاخْتِيَار شخصية الْخَلِيفَة أَخذ شكلًا دينيًّا ذَا أثر خطير فِي اعْتِمَاد بعض الْأَحَادِيث ورفض بَعْضهَا الآخر، وَذَلِكَ أَنه بعد مقتل عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ ﵁ بُويِعَ بالخلافة عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ﵁، ونازعه الْخلَافَة مُعَاوِيَة بن
1 / 12