وحافظ له ينتقل على الحيطان والسطوح في ظلمة الليل لحراسة منزل صاحبه وذب الذعار عنه ويبلغ من محبته لصاحبه ان يبذل نفسه للموت دونه ودون ماشيته وماله ويألفه غاية الالف (1) حتى يصبر معه على الجوع والجفوة فلم طبع الكلب على هذه الألفة والمحبة إلا ليكون حارسا للانسان له عين (2) بانياب (3) ومخالب ونباح هائل ليذعر منه السارق ويتجنب المواضع التي يحميها ويخفرها (4) (وجه الدابة وفمها وذنبها وشرح ذلك) يا مفضل تأمل وجه الدابة كيف هو فانك ترى العينين شاخصتين أمامها لتبصر ما بين يديها لئلا تصدم حائطا أو تتردى في حفرة وترى الفم مشقوقا شقا في اسفل الخطم (5) ولو شق كمكان الفم من الانسان في مقدم الذقن لما استطاع ان يتناول به شيئا من الأرض ألا ترى ان الانسان لا يتناول الطعام بفيه ولكن بيده تكرمة له على سائر الآكلات فلما لم يكن للدابة يد تتناول بها العلف جعل خرطومها (6) مشقوقا من أسفله لتقبض على العلف ثم تقضمه واعينت بالجحفلة (7) لتتناول بها ما قرب وما بعد اعتبر بذنبها والمنفعة لها فيه فإنه بمنزلة الطبق (8) على الدبر والحياء جميعا يواريهما ويسترهما ومن منافعها فيه ان ما يبين
---
(1) الألف - بفتح فسكون - المحبة والانس. (2) العين - بالفتح - الغلظة في الجسم والخشونة. (3) الأنياب جمع ناب وهو السن خلف الرباعية مؤنث. (4) يخفرها: يجيرها ويؤمنها. (5) خطم الدابة: مقدم انفها وفمها. (6) الخرطوم: الأنف أو مقدمه أو ما ضممت عليه الحنكين. (7) الجحفلة هي لذات الحافر كالشفة للانسان. (8) الطبق - بفتحتين - مصدر الغطاء جمعه اطباق.
--- [ 58 ]
Página 57