ويحرث به والفرس الكريم يركب (1) السيوف والأسنة بالمواتاة لفارسه والقطيع من الغنم يرعاه واحد ولو تفرقت الغنم فأخذ كل واحد منها في ناحية لم يلحقها وكذلك جميع الأصناف المسخرة للانسان كانت كذلك إلا بأنها عدمت العقل والروية فإنها لو كانت تعقل وتتروى في الأمور كانت خليقة ان تلتوى على الانسان في كثير من مآربه حتى يمتنع الجمل على قائده والثور على صاحبه وتتفرق الغنم عن راعيها واشباه هذا من الأمور (افتقاد السباع للعقل والروية وفائدة ذلك) وكذلك هذه السباع لو كانت ذات عقل وروية فتوازرت (2) على الناس كانت خليقة ان تجتاحهم فمن كان يقوم للاسد والذئاب والنمور والدببة لو تعاونت وتظاهرت على الناس أفلا ترى كيف حجر (3) ذلك عليها وصارت مكان ما كان يخاف من أقدامها ونكايتها تهاب مساكن الناس وتحجم عنها ثم لا تظهر ولا تنتشر لطلب قوتها إلا بالليل فهى مع صولتها كالخائف من الأنس بل مقموعة (4) ممنوعة منهم ولو كان ذلك لساورتهم في مساكنهم وضيقت عليهم (عطف الكلب على الانسان ومحاماته عنه) ثم جعل في الكلب من بين هذه السباع عطف على مالكه ومحاماة عنه
---
(1) يركب السيوف والاسنة أي يلقي نفسه عليها. (2) توازرت أي اجتمعت واتحدت. (3) حجر عليه الأمر: حرمه ومنعه. (4) مقموعة: مقهورة ذليلة.
--- [ 57 ]
Página 56