الاخر (1) وقد يحدث مثل هذا في تشابه الأشياء فضلا عن تشابه الصور فمن لطف بعباده بهذه الدقائق التي لا تكاد تخطر بالبال حتى وقف بها على الصواب إلا من وسعت رحمته كل شئ. لو رأيت تمثال الانسان مصورا على حائط وقال لك قائل ان هذا ظهر هنا من تلقاء نفسه لم يصنعه صانع !... أكنت تقبل ذلك بل كنت تستهزئ به فكيف تنكر هذا في تمثال مصور جماد ولا تنكر في الانسان الحى الناطق. (نمو أبدان الحيوان وتوقفها وسبب ذلك) لم صارت أبدان الحيوان وهي تغتذى ابدا لا تنمى بل تنتهى إلى غاية من النمو ثم تقف ولا تتجاوزها لو لا التدبير ذلك فإن تدبير الحكيم فيها ان تكون ابدان كل صنف منها على مقدار معلوم غير متفاوت في الكبير والصغير وصارت تنمى حتى تصل الى غايتها ثم تقف ثم لا تزيد والغذاء مع ذلك دائم لا ينقطع ولو تنمى نموا دائما لعظمت ابدانها واشتبهت مقاديرها (2) حتى لا يكون لشئ منها حد يعرف. (ما يعتري أجسام الانس من ثقل الحركة والمشى لو لم يصبها ألم) لم صارت أجسام الانس خاصة تثقل عن الحركة والمشي وتجفو عن
---
(1) أي قد يشبه مال شخص بمال شخص آخر كثوب أو دينار فيصير سببا للاشتباه والتشاجر والتنازع فضلا عن تشابه الصورة فإنه أعظم فسادا. (2) أي لم يعرف غاية ما ينتهي إليه مقداره، فيشتبه الأمر عليه، فيما يريد أن يهيئه لنفسه من دار وثياب وزوجة.
--- [ 48 ]
Página 47