كتاب التوحيد
الذي هو حق الله على العبيد
تأليف: شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب
بسم الله الرحمن الرحيم
" الحمد لله، وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم ". 1.
كتاب التوحيد
وقول الله تعالى: {وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون} 2.
وقوله: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت} 3.
وقوله: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا} 4.
Página 7
وقوله: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا} ، وقوله: {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون} 1.
قال ابن مسعود: "من أراد أن ينظر إلى وصية محمد صلى الله عليه وسلم التي عليها خاتمه فليقرأ قوله تعالى: {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا} 2 - إلى قوله {وأن هذا صراطي مستقيما} الآية 3.
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: "كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار فقال لي: يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد؟ وما حق العباد على الله؟ قلت: 4 الله ورسوله أعلم. قال: حق الله على
Página 8
العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا. قلت: يا رسول الله، أفلا أبشر الناس؟ قال لا تبشرهم فيتكلوا" أخرجاه في الصحيحين.
فيه مسائل، الأولى: الحكمة في خلق الجن والإنس.
الثانبة: أن العبادة هي التوحيد، لأن الخصومة فيه.
الثالثة: أن من لم يأت به لم يعبد الله. ففيه معنى قوله: {ولا أنتم عابدون ما أعبد} 1.
الرابعة:الحكمة في إرسال الرسل.
الخامسة: أن الرسالة عمت كل أمة.
السادسة: أن دين الأنبياء واحد.
السابعة: المسألة الكبيرة: أن عبادة الله لا تحصل إلا بالكفر بالطاغوت ففيه معنى قوله: {فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى} 2.
الثامنة: أن الطاغوت عام في كل ما عبد من دون الله.
التاسعة: عظم شأن ثلاث الآيات المحكمات في سورة الأنعام عند السلف، وفيها عشر مسائل. أولها: النهي عن الشرك.
العاشرة: الآيات المحكمات في سورة الإسراء، وفيها ثمانية عشر 3
Página 9
مسألة، بدأها الله بقوله: {لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموما مخذولا} 1 وختمها بقوله: {ولا تجعل مع الله إلها آخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا} 2 ونبهنا الله سبحانه على عظم شأن هذه المسائل بقوله: {ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة} 3.
الحادية عشرة. آية سورة النساء التي تسمى: آية الحقوق العشرة، بدأها الله تعالى بقوله: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا} 4.
الثانية عشرة. التنبيه على وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته.
الثالثة عشرة. معرفة حق الله علينا.
الرابعة عشرة. معرفة حق العباد عليه إذا أدوا حقه.
الخامسة عشرة. أن هذه المسألة لا يعرفها أكثر الصحابة.
السادسة عشرة. جواز كتمان العلم للمصلحة.
السابعة عشرة. استحباب بشارة المسلم بما يسره.
الثامنة عشرة. الخوف من الاتكال على سعة رحمة الله.
التاسعة عشرة. قول المسؤول عما لا يعلم " الله ورسوله أعلم ".
Página 10
العشرون. جواز تخصيص بعض الناس بالعلم دون بعض.
الحادي والعشرون. تواضعه صلى الله عليه وسلم لركوب الحمار، مع الإرداف عليه.
الثاني والعشرون. جواز الإرداف على الدابة 1.
الثالث والعشرون. فضيلة معاذ بن جبل.
الرابع والعشرون. عظم شأن هذه المسألة 2.
Página 11
باب فضل التوحيد وما يكفر الذنوب
...
باب (1) فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب
وقول الله تعالى: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون} 1.
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل" 2 أخرجاه. ولهما في حديث عتبان: "فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله" 3.
وعن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قال موسى: يا رب علمني شيئا أذكرك وأدعوك به. قال: قل يا موسى: لا إله إلا الله ; قال: يا رب كل عبادك يقولون هذا. قال: يا موسى لو
Página 12
أن السموات السبع وعامرهن غيري والأرضين السبع في كفة، ولا إله إلا الله في كفة، مالت بهن لا إله إلا الله".
رواه ابن حبان والحاكم وصححه.
وللترمذي وحسنه عن أنس: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قال الله تعالى: يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة" 1.
فيه مسائل:
الأولى: سعة فضل الله.
الثانية: كثرة ثواب التوحيد عند الله.
الثالثة: تكفيره مع ذلك للذنوب.
الرابعة: تفسير الآية (82) التي في سورة الأنعام.
الخامسة: تأمل الخمس اللواتي في حديث عبادة.
السادسة: أنك إذا جمعت بينه وبين حديث عتبان وما بعده، تبين لك معنى قول " لا إله إلا الله "، وتبين لك خطأ المغرورين.
السابعة: التنبيه للشرط الذي في حديث عتبان.
الثامنة: الثامنة: كون الأنبياء يحتاجون للتنبيه على فضل لا إله إلا الله.
التاسعة: التنبيه لرجحانها بجميع المخلوقات، مع أن كثيرا ممن يقولها يخف ميزانه.
Página 13
العاشرة: النص على أن الأرضين سبع كالسموات.
الحادية عشرة: أن لهن عمارا.
الثانية عشرة: إثبات الصفات، خلافا للأشعرية 1.
الثالثةعشرة: أنك إذا عرفت حديث أنس، عرفت أن قوله في حديث عتبان: "فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله" 2 أنه ترك الشرك، ليس قولها باللسان.
الرابعة عشرة: تأمل الجمع بين كون عيسى ومحمد عبدي الله ورسوليه.
الخامسة عشرة: معرفة اختصاص عيسى بكونه كلمة الله.
السادسة عشرة: معرفة كونه روحا منه.
السابعة عشرة: معرفة فضل الإيمان بالجنة والنار.
الثامنة عشرة: معرفة قوله: "على ما كان من العمل".
التاسعة عشرة: معرفة أن الميزان له كفتان.
العشرون: معرفة ذكر الوجه.
Página 14
باب (2) من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب
وقول الله تعالى: {إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين} 1 وقال: {والذين هم بربهم لا يشركون} 2.
عن حصين بن عبد الرحمن قال: " كنت عند سعيد بن جبير فقال: أيكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة؟ فقلت: أنا، ثم قلت: أما إني لم أكن في صلاة، ولكني لدغت. قال: فما صنعت؟ قلت: ارتقيت. قال: فما حملك على ذلك؟ قلت: حديث حدثناه الشعبي. قال: وما حدثكم؟ قلت حدثنا عن بريدة بن الخصيب أنه قال: "لا رقية إلا من عين أو حمة"3 4. قال: قد أحسن من انتهى إلى ما سمع.
Página 15
ولكن حدثنا ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "عرضت علي الأمم، فرأيت النبي ومعه الرهط والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد. إذ رفع لي سواد عظيم فظننت أنهم أمتي، فقيل لي: هذا موسى وقومه، فنظرت فإذا سواد عظيم، فقيل لي: هذه أمتك، ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب. ثم نهض فدخل منزله، فخاض الناس في أولئك؛ فقال بعضهم: فلعلهم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال بعضهم: فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام فلم يشركوا بالله شيئا. وذكروا أشياء. فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه، فقال: هم الذين لا يسترقون، ولا يكتوون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون. فقام عكاشة بن محصن فقال: ادع الله أن يجعلني منهم. قال: أنت منهم. ثم قام جل آخر فقال: ادع الله أن يجعلني منهم. فقال: سبقك بها عكاشة 1".
فيه مسائل:
الأولى: معرفة مراتب الناس في التوحيد.
الثانية: ما معنى تحقيقه.
الثالثة: ثناؤه سبحانه على إبراهيم بكونه لم يك من المشركين.
الرابعة: ثناؤه على سادات الأولياء بسلامتهم من الشرك.
الخامسة: كون ترك الرقية والكي من تحقيق التوحيد.
Página 16
السادسة: كون الجامع لتلك الخصال هو التوكل.
السابعة: عمق علم الصحابة لمعرفتهم أنهم لم ينالوا ذلك إلا بعمل.
الثامنة: حرصهم على الخير.
التاسعة: فضيلة هذه الأمة بالكمية والكيفية.
العاشرة: فضيلة أصحاب موسى.
الحادية عشرة: عرض الأمم عليه عليه الصلاة والسلام.
الثانية عشرة: أن كل أمة تحشر وحدها مع نبيها.
الثالثة عشرة: قلة من استجاب للأنبياء.
الرابعة عشرة: أن من لم يجبه أحد يأتي وحده.
الخامسة عشرة: ثمرة هذا العلم، وهو عدم الاغترار بالكثرة، وعدم الزهد في القلة.
السادسة عشرة: الرخصة في الرقية من العين والحمة.
السابعة عشرة: عمق علم السلف لقوله: "قد أحسن من انتهى إلى ما سمع، ولكن كذا وكذا" 1 فعلم أن الحديث الأول لا يخالف الثاني.
الثامنة عشرة: بعد السلف عن مدح الإنسان بما ليس فيه.
التاسعة عشرة: قوله: "أنت منهم" علم من أعلام النبوة.
العشرون: فضيلة عكاشة.
الحادية والعشرون: استعمال المعاريض.
الثانية والعشرون: حسن خلقه صلى الله عليه وسلم.
Página 17
باب (3) الخوف من الشرك
وقول الله (: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} 1.
وقال الخليل عليه السلام: {واجنبني وبني أن نعبد الأصنام} 2.
وفي الحديث: "أخوف ما أخاف عليكم: الشرك الأصغر، فسئل عنه، فقال: الرياء" 3 رواه أحمد والطبراني والبيهقي.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من مات وهو يدعو من دون الله ندا دخل النار" 4 رواه البخاري. ولمسلم عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار" 5.
Página 18
فيه مسائل:
الأولى: الخوف من الشرك.
الثانية: الرياء من الشرك.
الثالثة: أنه من الشرك الأصغر.
الرابعة: أنه أخوف ما يخاف منه على الصالحين.
الخامسة: قرب الجنة والنار.
السادسة: الجمع بين قربهما 1 في حديث واحد.
السابعة: أنه من لقيه لا يشرك به شيئا دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار، ولو كان من أعبد الناس.
الثامنة: المسألة العظيمة: سؤال الخليل له ولبنيه وقاية عبادة الأصنام.
التاسعة: اعتباره بحال الأكثر لقوله: {رب إنهن أضللن كثيرا من الناس} 2.
العاشرة: فيه تفسير " لا إله إلا الله "، كما ذكره البخاري.
الحادية عشرة: فضيلة من سلم من الشرك.
Página 19
باب (4) الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله
وقوله تعالى: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين} 1.
عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا إلى اليمن قال له:?"إنك تأتي قوما من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله" 2.
- وفي رواية: "إلى أن يوحدوا الله. فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة. فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم. فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم. واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب" 3 أخرجاه.
ولهما عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: "لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله
Página 20
ورسوله ويحبه الله ورسوله، يفتح الله على يديه. فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها فلما أصبحوا غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها: فقال: أين علي بن أبي طالب؟ فقيل: هو يشتكي عينيه. فأرسلوا إليه فأتي به، فبصق في عينيه ; ودعا له فبرأ كأن لم يكن به وجع. فأعطاه الراية فقال: انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه.
فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم" 1يدوكون أي: يخوضون.
فيه مسائل:
الأولى: أن الدعوة إلى الله طريق من اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الثانية: التنبيه على الإخلاص، لأن كثيرا لو دعا إلى الحق، فهو يدعو إلى نفسه.
الثالثة: أن البصيرة من الفرائض.
الرابعة: من دلائل حسن التوحيد: أنه تنزيه الله تعالى عن المسبة.
الخامسة: أن من قبح الشرك كونه مسبة لله.
السادسة: وهي من أهمها - إبعاد المسلم عن المشركين لئلا يصير منهم، ولو لم يشرك.
السابعة: كون التوحيد أول واجب.
Página 21
الثامنة: أنه يبدأ به قبل كل شيء، حتى الصلاة.
التاسعة: أن معنى: "أن يوحدوا الله" معنى شهادة أن لا إله إلا الله.
العاشرة: أن الإنسان قد يكون من أهل الكتاب وهو لا يعرفها، أو يعرفها ولا يعمل بها.
الحادية عشرة: التنبيه على التعليم بالتدريج.
الثانية عشرة: البداءة بالأهم فالأهم.
الثالثة عشرة: مصرف الزكاة.
الرابعة عشرة. كشف العالم الشبهة عن المتعلم.
الخامسة عشرة: النهي عن كرائم الأموال.
السادسة عشرة: اتقاء دعوة المظلوم.
السابعة عشرة: الإخبار بأنها لا تحجب.
الثامنة عشرة: من أدلة التوحيد ما جرى على سيد المرسلين وسادات الأولياء من المشقة والجوع والوباء.
التاسعة عشرة: قوله: "لأعطين الراية ... إلخ" علم من أعلام النبوة.
العشرون: تفله في عينيه علم من أعلامها أيضا.
الحادية والعشرون: فضيلة علي رضي الله عنه.
الثانية والعشرون: فضل الصحابة في دوكهم تلك الليلة وشغلهم عن بشارة الفتح.
Página 22
الثالثة والعشرون: الإيمان بالقدر، لحصولها لمن لم يسع لها، ومنعها عمن سعى.
الرابعة والعشرون: الأدب في قوله: "على رسلك".
الخامسة والعشرون: الدعوة إلى الله إلى الإسلام قبل القتال.
السادسة والعشرون: أنه مشروع لمن دعوا قبل ذلك وقوتلوا.
السابعة والعشرون: الدعوة بالحكمة لقوله: "أخبرهم بما يجب".
الثامنة والعشرون: المعرفة بحق الله في الإسلام.
التاسعة والعشرون: ثواب من اهتدى على يديه رجل واحد.
الثلاثون: الحلف على الفتيا.
Página 23
باب (5) تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله
وقول الله تعالى: {أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا} 1.
وقوله: {وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني فإنه سيهدين وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون} 2.
وقوله: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم} 3.
وقوله: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله} 4.
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله، حرم ماله ودمه، وحسابه على الله) 5.
Página 24
وشرح هذه الترجمة: ما بعدها من الأبواب. فيه أكبر المسائل وأهمها 1، وهي تفسير التوحيد، وتفسير الشهادة؛ وبينها بأمور واضحة.
منها: آية الإسراء بين فيها الرد على المشركين الذين يدعون الصالحين ففيها بيان أن هذا هو الشرك الأكبر.
ومنها: آية براءة، بين فيها أن أهل الكتاب اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله، وبين أنهم لم يؤمروا إلا بأن يعبدوا إلها واحدا، مع أن تفسيرها الذي لا إشكال فيه: طاعة العلماء والعباد في المعصية، لا دعاؤهم إياهم.
ومنها: قول الخليل عليه السلام للكفار: {إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني} 2 فاستثنى من المعبودين ربه 3. وذكر سبحانه أن هذه البراءة وهذه الموالاة هي: تفسير شهادة أن لا إله إلا الله؛ فقال: {وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون} 4.
ومنها: آية البقرة في الكفار الذين قال الله فيهم: {وما هم بخارجين من النار} 5. ذكر أنهم يحبون أندادهم كحب الله؛ فدل على أنهم يحبون الله حبا عظيما ولم يدخلهم في الإسلام. فكيف بمن أحب الند أكبر من حب الله؟ فكيف بمن لم يحب إلا الند وحده ولم يحب الله؟
Página 25
ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: "من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه، وحسابه على الله" 1. وهذا من أعظم ما يبين معنى " لا إله إلا الله "، فإنه لم يجعل التلفظ بها عاصما للدم والمال، بل ولا معرفة معناها مع لفظها، بل ولا الإقرار بذلك، بل ولا كونه لا يدعو إلا الله وحده لا شريك له، بل لا يحرم ماله ودمه حتى يضيف إلى ذلك الكفر بما يعبد من دون الله؛ فإن شك أو توقف لم يحرم ماله ودمه.
فيالها من مسألة ما أعظمها وأجلها! وياله من بيان ما أوضحه! وحجة ما أقطعها للمنازع!
Página 26