مَسْأَلَة
فِي صفة الله تَعَالَى
قَالَ أَبُو مَنْصُور ﵀ ثمَّ الْوَصْف لله بِأَنَّهُ قَادر عَالم حَيّ كريم جواد وَالتَّسْمِيَة بهَا حق من السّمع وَالْعقل جَمِيعًا فالسمع مَا جَاءَ بِهِ الْقُرْآن وَسَائِر كتب الله وسمى بِالَّذِي ذكرت الرُّسُل وَالْخَلَائِق كل مِنْهُم إِلَّا أَن قوما وجهوا تِلْكَ الْأَسْمَاء إِلَى غَيره ظنا مِنْهُم أَن فِي إِثْبَات الإسم تشابها بَينه وَبَين كل مُسَمّى وَلَو كَانَ بِهِ ذَلِك لَكَانَ بنفى التعطيل ذَلِك وبنفيه أَيْضا تشابه بَينه وَبَين مَا لَا يدْخل تَحت إسم وَهُوَ مَا لَيْسَ كَذَلِك وَلَكِن قد بَينا بعد التشابه لموافقة الإسم فَهُوَ مُسَمّى بِمَا سمى بِهِ نَفسه مَوْصُوف بِمَا وصف بِهِ نَفسه
وَالْعقل يُوجب ذَلِك لِأَن الله سُبْحَانَهُ إِذْ ثَبت عَنهُ مُخْتَلف الْخلق بجوهره وَصِفَاته دلّ أَن فعله لَيْسَ بِفعل الطباع بل هُوَ فعل الإختيار
وَأَيْضًا أَن اتساق الْفِعْل المتوالي بِلَا فَسَاد يظْهر وَلَا خُرُوج عَن طَرِيق الْحِكْمَة يثبت كَون الْمَفْعُول بالإختيار من الْفَاعِل فَثَبت أَن الْخلق كَانَ بِفِعْلِهِ حَقِيقَة وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَأَيْضًا أَن الله تَعَالَى إِذْ أنشأ شَيْء ثمَّ أفناه وَفِيه أَيْضا مَا قد أَعَادَهُ نَحْو اللَّيْل وَالنَّهَار ثَبت أَن فعله بالإختيار إِذْ تحقق بِهِ صَلَاح مَا قد أفْسدهُ وإعادة مَا قد أفناه وإيجاد الْمَعْدُوم وإعدام الْمَوْجُود فَثَبت أَن طَرِيق ذَلِك الإختيار إِذْ من كَانَ الَّذِي مِنْهُ يكون بالطبع لَا يجِئ مِنْهُ نفى مَا يُوجد وإيجاد مَا يعدمه وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
1 / 44