مستمع لَهُ فَهُوَ عَبث فَلَا بُد من تَحْقِيق الْجَهْل وَالْعلم فِي جَوْهَر كل مِنْهُمَا ليَصِح ذَلِك الْمَعْنى وَفِي ذَلِك جمع الْأَمريْنِ فِي أَحدهمَا وَذَلِكَ الْمَعْنى ألزمهم القَوْل بِاثْنَيْنِ فَبَطل بحمدالله
وَالْأَصْل فِيهِ أَن التَّكَلُّم مِنْهُم بالحكمة لَا يعدو إِمَّا أَن تكلمُوا بجوهرهم وَهُوَ يعلم فَيخرج مخرج الْعَبَث أَو يجهله المكلم وإيهما كَانَ فَفِيهِ ثبات الْأَمريْنِ من وَاحِد أَو من غير جوهره فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو أَيْضا من قبُول أَو عَبث وَأيهمَا كَانَ فَفِي ذَلِك مَا قُلْنَا وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
ثمَّ يُقَال لَهُم إِذْ القَوْل بِأَن لَا يجوز أَن يكون وَاحِد يَجِيء مِنْهُ خير وَشر وَمن هَذَا قَوْله كَيفَ كَانَ مِنْهُمَا الْعَالم الَّذِي كل وَاحِد مِنْهُم هَذَا وَصفه فينتقض عَلَيْهِمَا فعلهمَا مَا لذَلِك ادّعى لَهما ذَلِك أَتَرَى سفها أعظم مِمَّا عملاهما بأنفسهما أَو جهلا أبين من ذَلِك وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
فَإِن قَالَ قَائِلهمْ كَيفَ زعمتم أَنه يجوز أَن يكون من الْحَكِيم يَجِيء فعل السَّفه
قُلْنَا هَذَا لَا يَجِيء مِمَّن هُوَ حَكِيم بِذَاتِهِ إِنَّمَا يَجِيء مِمَّن يجهل كَمَا قُلْتُمْ فِي النُّور من الْجَهْل بِعَمَل الظلمَة وَنَحْو ذَلِك فَأَما الله سُبْحَانَهُ يتعالى عَن ذَلِك لَكِن قد يجوز أَن يكون فعل حِكْمَة لَا يبلغهَا عقل الْبشر وَإِلَّا فَهُوَ يجل عَن ذَلِك وَمَا الْحِكْمَة إِلَّا الْإِصَابَة فِي أَن يوضع كل شَيْء مَوْضِعه وَيُعْطى كل ذِي حَظّ حَظه وَلَا يبخس بِأحد حَقه وَإِنَّمَا أَبى من يظنّ بِاللَّه أَو بِمَا يضيف إِلَيْهِ الموحدون ذَلِك لجهلهم بحدود الْحِكْمَة ومبلغ الحظوظ وإيجابهم الْحُقُوق لمن لَيست لَهُم وسنذكره إِن شَاءَ الله فِي مَوضِع هُوَ أملك بِهِ من هَذَا
1 / 37