Libro de la Unicidad
كتاب التوحيد
أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة بن صالح بن بكر السلمي النيسابوري (المتوفى: 311هـ) - 311 AH
Investigador
عبد العزيز بن إبراهيم الشهوان
Editorial
مكتبة الرشد-السعودية
Número de edición
الخامسة
Año de publicación
١٤١٤هـ - ١٩٩٤م
Ubicación del editor
الرياض
: ١٤٣] أَفَلَيْسَ الْعِلْمُ مُحِيطًا يَا ذَوِي الْأَلْبَابِ أَنَّ اللَّهَ ﷿ لَوْ كَانَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ، وَمَعَ كُلِّ بَشَرٍ وَخَلْقٍ كَمَا زَعَمَتِ الْمُعَطِّلَةُ، لَكَانَ مُتَجَلِّيًا لِكُلِّ شَيْءٍ، وَكَذَلِكَ جَمِيعِ مَا فِي الْأَرْضِ، لَوْ كَانَ مُتَجَلِّيًا لِجَمِيعِ أَرْضِهِ سَهْلِهَا وَوَعْرِهَا وَجِبَالِهَا، وَبَرَارِيهَا وَمَفَاوِزِهَا، وُمُدُنِهَا وَقُرَاهَا، وَعُمْرَانِهَا وَخَرَابِهَا، وَجَمِيعِ مَا فِيهَا مِنْ نَبَاتٍ، وَبِنَاءٍ لَجَعَلَهَا دَكًّا كَمَا جَعَلَ اللَّهُ الْجَبَلَ الَّذِي تَجَلَّى لَهُ دَكًّا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا﴾ [الأعراف: ١٤٣]
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَيَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، قَالُوا: ثنا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ⦗٢٥٩⦘ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا﴾ [الأعراف: ١٤٣] قَالَ: بِأُصْبُعِهِ هَكَذَا، وَأَشَارَ بِالْخِنْصَرِ مِنَ الظُّفْرِ يُمْسِكُهُ بِالْإِبْهَامِ قَالَ: فَقَالَ حُمَيْدٌ لِثَابِتٍ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، دَعْ هَذَا، مَا تُرِيدُ إِلَى هَذَا؟ قَالَ: فَضَرَبَ ثَابِتٌ مَنْكِبَ حُمَيْدٍ، وَقَالَ: وَمَنْ أَنْتَ يَا حُمَيْدُ؟، وَمَا أَنْتَ يَا حُمَيْدُ، حَدَّثَنِي بِهِ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَتَقُولُ أَنْتَ: دَعْ هَذَا ⦗٢٦٠⦘، هَذَا لَفْظُهُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، وَقَالَ الزَّعْفَرَانِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ عَلِيٌّ: ثنا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وَقَالَ الزَّعْفَرَانِيُّ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيٍّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا﴾ [الأعراف: ١٤٣] قَالَ: هَكَذَا، وَوَصَفَ مُعَاذٌ أَنَّهُ أَخْرَجَ أَوَّلَ مَفْصِلٍ مِنْ خِنْصَرِهِ، فَقَالَ لَهُ حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ مَا تُرِيدُ إِلَى هَذَا؟ فَضَرَبَ صَدْرَهُ ضَرْبَةً شَدِيدَةً، وَقَالَ: فَمَنْ أَنْتَ يَا حُمَيْدُ، يُحَدِّثُنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَتَقُولُ: أَنْتَ مَا تُرِيدُ إِلَى هَذَا؟ غَيْرَ أَنَّ الزَّعْفَرَانِيَّ قَالَ: هَكَذَا وَوَضَعَ إِبْهَامَهُ الْيُسْرَى عَلَى طَرَفِ خِنْصَرِهِ الْأَيْسَرِ عَلَى الْعِقْدِ الْأَوَّلِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، قَالَ: ثنا أَبِي، ثنا حَمَّادُ بْنُ ⦗٢٦١⦘ سَلَمَةَ، قَالَ: ثنا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ رَفَعَ خِنْصَرَهُ وَقَبَضَ عَلَى مَفْصِلٍ مِنْهَا فَانْسَاخَ الْجَبَلُ»، فَقَالَ لَهُ حُمَيْدٌ: أَتُحَدِّثَ بِهَذَا؟ فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، وَتَقُولُ: لَا تُحَدِّثْ بِهِ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثنا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: ثنا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا﴾ [الأعراف: ١٤٣] قَالَ: تَجَلَّى قَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا، وَوَصَفَ عَفَّانُ بِطَرَفِ إِصْبَعِهِ الْخِنْصَرِ، قَالَ: فَسَاخَ الْجَبَلُ، فَقَالَ حُمَيْدٌ لِثَابِتٍ: أَتُحَدِّثَ بِمِثْلِ هَذَا؟ قَالَ: فَرَفَعَ ثَابِتٌ يَدَهُ، فَضَرَبَ صَدْرَهُ، وَقَالَ: حَدَّثَنِيهِ أَنَسٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَتَقُولُ: أَتُحَدِّثَ بِمِثْلِ هَذَا؟ ⦗٢٦٢⦘ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: ثنا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ بِمِثْلِهِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، قَالَ: ثنا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ﴾ [الأعراف: ١٤٣] مُوسَى صَعِقًا، قَالَ: فَحَكَاهُ النَّبِيُّ ﷺ، فَوَضَعَ خِنْصَرَهُ عَلَى إِبْهَامِهِ فَسَاحَ الْجَبَلُ فَتَقَطَّعَ ⦗٢٦٣⦘. وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ يَعْنِي ابْنَ مِنْهَالٍ، حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ بِمِثْلِهِ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ ﵁، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ﴾ [الأعراف: ١٤٣] حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: تَلَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: بِهَذَا نَحْوَ حَدِيثِهِمْ. فَاسْمَعُوا يَاذَوِي الْحِجَا دَلِيلًا آخَرَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ: أَنَّ اللَّهَ جَلَا وَعَلَا فِي السَّمَاءِ، مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ فِرْعَوْنَ مَعَ كُفْرِهِ وَطُغْيَانِهِ قَدْ أَعْلَمَهُ مُوسَى ﵇ بِذَلِكَ، وَكَأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّ خَالِقَ الْبَشَرِ فِي السَّمَاءِ ⦗٢٦٤⦘ أَلَا تَسْمَعُ قَوْلَ اللَّهِ يَحْكِي عَنْ فِرْعَوْنَ قَوْلَهُ: ﴿يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى﴾ [غافر: ٣٧] فَفِرْعَوْنُ عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ يَأْمُرُ بِبِنَاءِ صَرْحٍ، فَحَسِبَ أَنَّهُ يَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى، وَفِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا﴾ [غافر: ٣٧]، دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ مُوسَى قَدْ كَانَ أَعْلَمَهُ أَنَّ رَبَّهُ جَلَّ وَعَلَا أَعْلَى وَفَوْقَ وَأَحْسَبُ أَنَّ فِرْعَوْنَ إِنَّمَا قَالَ لِقَوْمِهِ: ﴿وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا﴾ [غافر: ٣٧]، اسْتِدْرَاجًا مِنْهُ لَهُمْ، كَمَا خَبَّرَنَا جَلَّ وَعَلَا فِي قَوْلِهِ: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُّوًا﴾ [النمل: ١٤] فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَّ هَذِهِ الْفِرْقَةَ جَحَدَتْ - يُرِيدُ بِأَلْسِنَتِهِمْ - لَمَّا اسْتَيْقَنَتْهَا قُلُوبُهُمْ، فَشُبِّهَ أَنْ يَكُونَ فِرْعَوْنُ إِنَّمَا قَالَ لِقَوْمِهِ: ﴿وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا﴾ [غافر: ٣٧] وَقَلْبُهُ: أَنَّ كَلِيمَ اللَّهِ مِنَ الصَّادِقِينَ، لَا مِنَ الْكَاذِبِينَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَكَانَ فِرْعَوْنُ مُسْتَيْقِنًا بِقَلْبِهِ عَلَى مَا أَوَّلْتُ أَمْ مُكَذِّبًا بِقَلْبِهِ ظَانًّا أَنَّهُ غَيْرُ صَادِقٍ وَخَلِيلُ اللَّهِ إِبْرَاهِيمُ ﵇ عَالِمٌ فِي ابْتِدَاءِ النَّظَرِ إِلَى الْكَوَاكِبِ وَالْقَمَرِ وَالشَّمْسِ أَنَّ خَالِقَهُ عَالٍ فَوْقَ خَلْقِهِ حِينَ نَظَرَ إِلَى الْكَوَاكِبِ وَالْقَمَرِ وَالشَّمْسِ، أَلَا تَسْمَعُ قَوْلَهُ: ﴿هَذَا رَبِّي﴾ [الأنعام: ٧٦]، وَلَمْ يَطْلُبْ مَعْرِفَةَ خَالِقِهِ، مِنْ أَسْفَلَ، إِنَّمَا طَلَبَهُ مِنْ أَعْلَى مُسْتَيْقِنًا عِنْدَ نَفْسِهِ أَنَّ رَبِّهِ فِي السَّمَاءِ لَا فِي الْأَرْضِ
1 / 258