159

Tawdih

التوضيح في حل عوامض التنقيح

Investigador

زكريا عميرات

Editorial

دار الكتب العلمية

Año de publicación

1416هـ - 1996م.

Ubicación del editor

بيروت

Géneros

Usul al-Fiqh

ثم بعد ذلك رجعنا إلى ما نحن بصدده وهو مسألة الحسن والقبح فقوله إن الاتفاقي والاضطراري لا يوصفان بالحسن والقبح غير مسلم لأن كون الفعل اتفاقيا أو اضطراريا لا ينافي كونه حسنا لذاته أو لصفة من صفاته فيمكن أن يوجب ذات الفعل أو صفة من صفاته لحوق المدح أو الذم بكل من اتصف به سواء كان اتصافه به اختياريا أو اضطراريا أو اتفاقيا ألا ترى أن الله تعالى يحمد على صفاته العليا مع أن اتصافه بها ليس باختياره على أن الأشعري يسلم القبح والحسن عقلا بمعنى الكمال والنقصان فلا شك أن كل كمال محمود وكل نقصان مذموم وأن أصحاب الكمالات محمودون بكمالاتهم وأصحاب النقائص مذمومون بنقائصهم فإنكاره الحسن والقبح بمعنى أنهما صفتان لأجلهما يحمد أو يذم الموصوف بهما في غاية التناقض وإن أنكرهما بمعنى أنه لا يوجد في الفعل شيء يثاب الفاعل أو يعاقب لأجله فنقول إنه عنى أنه لا يجب على الله تعالى الإثابة والعقاب لأجله فنحن نساعده في هذا الفعل وإن عني أنه لا يكون في معرض ذلك فهذا بعيد عن الحق وذلك لأن الثواب والعقاب آجلا وإن كان لا يستقل العقل بمعرفة كيفيتهما لكن كل من علم أن الله تعالى عالم بالكليات والجزئيات فاعل بالاختيار قادر على كل شيء وعلم أنه غريق في نعم الله في كل لمحة ولحظة ثم مع ذلك كله ينسب من الصفات والأفعال ما يعتقد أنه في غاية القبح والشناعة إليه تعالى عن ذلك علوا كبيرا فلم ير بعقله أنه يستحق بذلك مذمة ولم يتيقن أنه في معرض سخط عظيم وعذاب أليم فقد سجل غوايته على غباوته ولجاجته وبرهن على سخافة عقله واعوجاجه واستخف بفكره ورأيه حيث لم يعلم بالشر الذي في ورائه عصمنا الله من الغباوة والغواية وأهدانا هدايا الهداية

Página 354