(4) جاء عن سعيد بن جبير أنه كان في الطواف فرأى رجلا يضع يده على يده فخرج من الطواف وذهب ففرق بينهما ثم عاد، وهذا يدل على أن في المسألة من المخالفة ما يستوجب النهي عنه بشدة، كما يدل على أن سعيدا لم ير غيره يفعل ذلك، ذلك وهو بفناء الكعبة؛ لأن ذلك لو كان معروفا أو كان هنالك من يفعله غيره لما قصده بالذات.
(5) أن الخلاف الكبير في موضع الضم، هل هو فوق السرة، أو تحت السرة، أو فوق الصدر، أو عند الصدر؟ وهل يوضع الكف على الكف أم الكف على الرسغ أم على الرسغ والساعد؟ وهل يقبض اليسرى باليمنى أو يضعها فقط؟ وهل ينشر أصابعه أم يحلق بها؟ إلى آخر ما ذكر في الروايات، كل ذلك يشير إلى أن المسألة لم تكن معروفة بجلاء؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لو كان يفعلها كل يوم خمس مرات وأمام المئات بل الألوف من الصحابة لما اكتنفه الغموض إلى هذا الحد.
ثانيا: أنه قد روي عن بعض الصحابة الضم تارة والإرسال تارة أخرى، وذلك كعلي عليه السلام وابن الزبير، وكذلك روي عن بعض التابعين كإبراهيم النخعي وسعيد بن جبير، كما حكي عن الإمام زيد ، والإمام الصادق( ) وغيرهم، وأحسن التأويل لذلك هو ما ذكرناه من شرعية الإرسال في الفريضة والترخيص في الضم في النافلة.
ثالثا: أنه قد اشتهر القول بهذا عن بعض العلماء، فقد روى ابن أبي شيبة، عن ابن سيرين أنه سئل عن الرجل يمسك بيمينه شماله، فقال: إنما فعل ذلك من أجل الدم( ).
وعن الأوزاعي أنه كان يقول: إنما أمروا بالاعتماد إشفاقا عليهم؛ لأنهم كانوا يطولون القيام، وكان ينزل الدم إلى رؤوس أصابعهم( ).
وعن الليث بن سعد أنه كان يرسلهما، فإن أطال وضع اليمنى على اليسرى للاستراحة( ).
وقال ابن حجر: ونقل ابن الحاجب أن ذلك حيث يمسك معتمدا لقصد الراحة( ).
Página 85