وهذا الاختلاف في السند والمتن اضطراب واضح في الحديث، وقد حاول بعضهم دفع هذا الاضطراب فقال المباركفوري(1): قال بعض الحنفية: حديث وائل فيه اضطراب، فأخرج ابن خزيمة في هذا الحديث: على صدره، والبزار: عند صدره، وابن أبي شيبة: تحت السرة.
قلت والقائل المباركفوري : ((قد تقرر في أصول الحديث أن مجرد الاختلاف لا يوجب الاضطراب، بل من شرطه استواء وجوه الاختلاف، فمتى رجح أحد الأقوال قدم (ولا يعل الصحيح) بالمرجوح، ومع الاستواء يتعذر الجمع على قواعد المحدثين. وهاهنا وجوه الاختلاف ليست بمستوية، فإن في ثبوت لفظ (تحت السرة) في رواية ابن أبي شيبة نظرا قويا كما تقدم بيانه. وأما رواية ابن خزيمة بلفظ: على صدره، ورواية البزار بلفظ: عند صدره، فالأولى راجحة فتقدم على الأخرى. ووجه الرجحان أن لها شاهدا حسنا من حديث هلب، وأيضا يشهد لها مرسل طاووس بخلاف الأخرى، فليس لها شاهد )).
أقول: لو سلم عدم ثبوت لفظ (تحت السرة)، فإن ترجيح لفظ: (على الصدر) على لفظ: (عند الصدر) بمرجح خارجي، وهو ما في حديث هلب وطاووس؛ غير دقيق ولا مخلص من الاضطراب؛ لأن هذا المرجح لا يصير الرواية غير مضطربة وإن صيرها راجحة، فلا بد من أن يكون المرجح لأحد لفظي الرواية من نفس الرواية لا من خارجها.
وقوله المقرر في أصول الحديث أن مجرد الاختلاف لا يوجب الاضطراب؛ صحيح، غير أن المراد الاختلاف بين روايتين لا في رواية واحدة، فهو اضطراب بلا شك.
قال: ولو سلم أنهما متساويتان فالجمع بينهما ليس بمتعذر.. ثم نقل عن بعض الشافعية أن الشافعي قد أخذ بهذه الأحاديث، لكن قال بوضع اليد على الصدر بحيث تكون آخر اليد تحت الصدر جمعا بين هذه الأحاديث وبين ما في بعض الروايات: عند الصدر.
Página 58