والصيامِ. والظاهرُ على بَحْثِه أن لا يُتْرَكا، وإنما قال: الظاهرُ؛ لاحتمالِ أن استعجالَه لا يُخرجه عن دمِ الحيضِ كإسهالِ البَطْنِ.
وقوله: (مِنْ فَرْجِ) يُخرج الخارجَ لا مِن الفرج كالدُّبُرِ ونحوِه؛ لأن مرادَه القُبْلَ. والأحسنُ أن لو قال: مِنْ قُبُلٍ. لِصِدْقِ الفَرْجِ على الدُّبُرِ.
وقوله: (الْمُمْكِنِ حَمْلُهَا عَادَةً) يُخرج اليائسةَ والصغيرةَ؛ لأنَّ ما يَخرج منهما لا يُسَمَّى حيضًا.
وقوله: (غَيْرُ زَائِدٍ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا) أي على الْمَشْهُورِ، يُخرج دمَ الاستحاضة وهذا- والله أعلم- حدُّ الغالب، وإلا فحيضُ الحَمْلِ أكثرُ، كما سيأتي.
وقوله: (مِنْ غَيْرِ وِلادَةٍ) زيادةُ بيانٍ، وإلا فهو خارجٌ بقوله: (بِنَفْسِهِ).
وأُورِدَ عليه أنه غيرُ مانعٍ لدخولِ نوعٍ مِنْ دَمِ الاستحاضةِ، وهو ما زاد على دمِ العادةِ، والاستظهارِ إذا كان أقلَّ مِنْ خمسةَ عشرَ يومًا. وأُجيب بأن ذلك نادرٌ فلا يَرِدُ.
واعتُرِضَ عليه في استعمال لفظة (بنَفْسِهِ) في غيرِ محلِّها؛ لأن النفسَ والعينَ إنما يُستعملان في التأكيد، أو حالًا مؤكدة، كقوله: هذا وجَدَّكُمُ الصَّغَارُ بِعَيْنِهِ.
ابن هارون: وقد يُجاب عنه بأن هذه النفسَ والعينَ ليست المذكورةَ [٣٨/ أ] في التأكيدِ؛ لأن التي في التأكيدِ بمعنى الحقيقةِ إِذْ أَنها إِنما يُؤتى بها لرفعِ تَوَهُّمِ الَمجازِ، بخلافِ هذه.
فَدَمُ بِنْتِ سِتٍّ وَنَحْوِهَا، وَاليَائِسَةِ كَبِنْتِ السَّبْعِينَ- وَقِيلَ: الْخَمْسِينَ- لَيْسَ بِحَيْضٍ
لأن كُلًاّ منهما لا يُمكنُ حَمْلُها في العادةِ.
وقوله: (السَّبْعِينَ) قال ابن رشد: والستين. والقولُ بالخمسين لابنِ شعبانَ. ووَجْهُه قولُ عمرَ بنِ الخطاب ﵁: ابنةُ الخمسينَ عجوزٌ في الغابرينَ. وقولُ عائشةَ: قَلَّ امرأةٌ تُجَاوِزُ الخمسين فتحيضُ إلا أن تكونَ قُرَشِيَّةً.