9_ اليأس من توبة العصاة: فمن الناس من يكون فيه خير ونصح وحب للإصلاح، فتراه يحرص على دعوة العصاة أيا كانت معاصيهم، فإذا رأى من أحدهم إعراضا عن النصح، وصدودا عن الخير، وتماديا في الغواية_أيس من هدايته، وأقصر عن نصحه، وربما جزم بأن الله لن يغفر له، ولن يهديه سواء السبيل.
وهذا الصنيع لا يصدر من ذي علم وبصيرة وحكمة؛ فمن ذا الذي أخبر هذا بأن الله لن يغفر لذلك العاصي؟ وما الذي سوغ له أن يحجر رحمة الله_عز وجل_.
ثم كم من الناس من يتمادون في الغواية والإجرام، حتى يظن أنهم يموتون على ذلك، ثم يتداركهم الرحمن الرحيم بنفحة من نفحاته، فإذا هم من الأبرار الأخيار.
ولهذا جاء في صحيح مسلم عن جندب÷أن رسول الله"حدث: =أن رجلا قال: والله لا يغفر الله لفلان، وإن الله_تعالى_قال: من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان؟ فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك+(85).
ومعنى يتألى علي: أي يقسم ويحلف.
10_ الشماتة بالمبتلين: فمن الناس_هداه الله_من إذا رأى مبتلى بمعصية من المعاصي، أو رأى أبناء فلان من الناس قد أسرفوا على أنفسهم_أخذ يشمت بهم، وينتقصهم، ويذمهم.
وما هذا المسلك برشيد؛ إذ هو من الغيبة المحرمة، ومن تزكية النفس بذم الآخرين.
ويخشى على من كانت هذه حاله أن يبتلى بمثل ما ابتلي به من سخر منهم.
فاللائق بالمسلم أن يكون أرجى الناس للناس، وأخوف الناس على نفسه.
وإذا رأى مبتلى أو سمع به أن يسأل ربه العافية، وأن يحمده حيث عافاه.
قال ابن مسعود÷: =لو سخرت من كلب لخشيت أن أحول كلبا+(86).
وقال أبو حازم سلمة بن دينار×: =أفضل خصلة ترجى للمؤمن أن يكون أشد الناس خوفا على نفسه، وأرجاه لكل مسلم+(87).
11_ الاحتجاج بالقدر على فعل المعاصي وترك الطاعات: فهناك من يحتج بالقدر على معائبه وذنوبه، فيحتج بالقدر على ترك الطاعات، وفعل المحرمات.
Página 29