333

Tatreez Riyadh As-Saliheen

تطريز رياض الصالحين

Editor

د. عبد العزيز بن عبد الله بن إبراهيم الزير آل حمد

Editorial

دار العاصمة للنشر والتوزيع

Número de edición

الأولى

Año de publicación

1423 AH

Ubicación del editor

الرياض

«الْحَقْ» وَمَضَى فَاتَّبَعْتُهُ، فَدَخَلَ فَاسْتَأذَنَ، فَأَذِنَ لِي فَدَخَلَ، فَوَجَدَ لَبَنًَا في قَدَحٍ، فَقَالَ: «مِنْ أَيْنَ هَذَا اللَّبَنُ؟» قَالُوا: أهْدَاهُ لَكَ فُلانٌ - أَو فُلانَةٌ - قَالَ: «أَبَا هِرٍّ» قلتُ: لَبَّيْكَ يَا رسول اللهِ، قَالَ: «الْحَقْ إِلَى أهْلِ الصُّفَّةِ فَادْعُهُمْ لِي» قَالَ: وَأهْلُ الصُّفَّة أضْيَافُ الإِسْلاَمِ، لا يَأوُونَ علَى أهْلٍ وَلا مَالٍ وَلا عَلَى أحَدٍ، وَكَانَ إِذَا أتَتْهُ صَدَقَةٌ بَعَثَ بِهَا إلَيْهِمْ، وَلَمْ يَتَنَاوَلْ مِنْهَا شَيْئًا، وَإِذَا أتَتْهُ هَدِيَّةٌ أرْسَلَ إلَيْهِمْ، وَأصَابَ مِنْهَا، وأشْرَكَهُمْ فِيهَا. فَسَاءنِي ذَلِكَ، فَقُلْتُ: وَمَا هَذَا اللَّبَنُ في أهْلِ الصُّفَّةِ! كُنْتُ أحَقُّ
أنْ أُصِيبَ مِنْ هَذَا اللَّبَنِ شَرْبَةً أتَقَوَّى بِهَا، فَإذَا جَاءُوا وَأمَرَنِي فَكُنْتُ أنَا أُعْطِيهِمْ؛ وَمَا عَسَى أنْ يَبْلُغَنِي مِنْ هَذَا اللَّبَنِ. وَلَمْ يَكُنْ مِنْ طَاعَةِ اللهِ وَطَاعَةِ رسوله ﷺ بُدٌّ، فَأَتَيْتُهُمْ فَدَعَوْتُهُمْ، فَأقْبَلُوا وَاسْتَأذَنُوا، فَأَذِنَ ... لَهُمْ وَأخَذُوا مَجَالِسَهُمْ مِنَ الْبَيْتِ، قَالَ: «أَبَا هِرٍّ» قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رسول الله، قَالَ: «خُذْ فَأعْطِهِمْ» قَالَ: فَأخَذْتُ القَدَحَ، فَجَعَلْتُ أُعْطِيهِ الرَّجُل فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ الْقَدَحَ، فَأُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ الْقَدَحَ، حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبيِّ ﷺ، وَقَدْ رَوِيَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ، فَأخَذَ الْقَدَحَ فَوضَعَهُ عَلَى يَدِهِ، فَنَظَرَ إليَّ فَتَبَسَّمَ، فَقَالَ: «أَبَا هِرٍّ» . قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رسول الله، قَالَ: «بَقيتُ أنَا وَأنْتَ» قُلْتُ: صَدَقْتَ يَا رسول الله، قَالَ: «اقْعُدْ فَاشْرَبْ» فَقَعَدْتُ فَشَرِبْتُ، فَقَالَ «اشْرَبْ» فَشَرِبْتُ، فَمَا زَالَ يَقُولُ: «اشْرَبْ» حَتَّى قُلْتُ: لا، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ مَا أجِدُ لَهُ

1 / 336