El Efecto Loto
تأثير اللوتس: رواية عن جزيئات النانو في أبحاث الطب الحيوي
Géneros
رفعت فاندا رأسها ونظرت إلى النافذة. رأت صورتها منعكسة على الزجاج الذي لا يزال مظلما. «وماذا عن أخطاء البرنامج؟» أرادت أن تعرف من توماس آنذاك. «ماذا يحدث لو أن بيانا ما علق في مكان وحبس تيار الذكريات؟» «ببساطة تستعملين احتياطيا قديما»، كانت هذه إجابته. صورتها المنعكسة على الزجاج أظهرت بعض التجاعيد على الجبهة. هناك أشياء لا تريد أن تتذكرها بتاتا. لقد قامت برسم صور أخرى فوقها كانت تعجبها أكثر، ولم تكن على استعداد أن تعيد هذا الجهد الشاق مرة أخرى.
هل الذكريات مجرد نسخ احتياطية مستمرة؟ هل هناك مثلا ما قد يسمى الذكرى الأولية؟ أصل لم يتم تزويره؟
في طفولتي كان عندي حلم: أجلس على تل رملي أمام مساحة مائية كبيرة. تنتهي المياه في المكان الذي تبدأ منه السماء. يخطو والداي في هذه المياه، متشابكي الأيدي في اتجاه الأفق. أتابعهما ببصري، يبدوان كشريطين مضغوطين يذوبان تدريجيا أحدهما في الآخر، ويتهددهما الذوبان الكامل في المياه التي تضوي في الظلمة، أصرخ وأركض، أجري وراءهما في المياه، أخوض فيها لألحق بهما. «نعم، لقد حدث هذا بالفعل»، كانت هذه هي إجابة أمي حين حكيت لها الحلم، «ذات مرة حين كنا عند بحر البلطيق، كان عمرك وقتها سنتين، وكدت أن تغرقي.»
هذه هي إذن الذكرى غير المزورة. بيان انفتح تلقائيا وخرج أيا ما كانت أسباب خروجه من أعماق الذاكرة المعتمة إلى النور مثل الحمم البركانية آخذا في التدفق، مشكلا جزيرة؛ تل رملي على بحر البلطيق.
علي أن أحلم أكثر؛ فلربما تأتيني الصور التي تنقصني لأفهم بشكل أفضل.
بهذا انتهت تدوينتها. ماذا كانت تريد أن تفهم؟ نفسها؟ أبويها؟ أم كانت فقط متوترة لأن كل شيء كان جديدا عليها؟ وجهت فاندا السؤال للوجه الشاحب المنعكس على زجاج النافذة المعتم. أعجبتها لمحة السخرية التي ينطق بها فمها الصغير لأنها كانت تبعث ابتسامة جريئة في عينيها. كانتا تبدوان أكبر حجما بعد أن صارت وجنتاها أكثر استواء. وجدت نفسها جميلة في هذا الضوء غير المباشر، رغم العلامات التي خلفها الإرهاق على وجهها. تناولت قلم حبر من علبة السجائر التي كانت تحتفظ فيها بأقلامها، وبدأت في الكتابة:
ماربورج، 7 نوفمبر 2005
اتصل بي موثق العقود بالهاتف قبل أسبوع، كنت قد نسيت خطابه تماما. على الأرجح احتاج إلى بعض الوقت كي يكتشف أين أقطن الآن. ومنذ ذلك الحين وأنا أستيقظ ليلا وأخبز؛ لأني أحلم أحلاما سيئة.
لاحظت فاندا أثر الحبر الأسود وهو يخترق الورق أثناء كتابتها. لكل شيء مبتدأ يستهل منه. خطر ببالها قدماء المصريين. فلصناعة الحبر كانوا يخلطون السخام بالصمغ العربي ثم يحلونه بالماء، وبهذا صنعوا، ربما كواحدة من أوائل المزرعات، معلقا مائيا من جزيئات النانو. الذي لم يكونوا يعرفونه وقتها هو أن سلاسل الجزيء الطويلة لعنصر عديد السكاريد الطبيعي المكونة لعصارة الأكاسيا، كانت تلتف حول جزيئات السخام، وبذلك تمنع تكون تكتلات في الماء. ولهذا كان اللون ينساب بنعومة فوق المنسوجات وفوق أوراق البردي، وذوت آثاره بين نسيج الزمن. ولهذا فمن المهم جدا أن يتم وضع كل الأشياء بدقة على كفة الميزان، حتى لا تتكتل إلى عجين لا يرجى نفعه.
ربما سيتحتم علي السفر إلى هناك.
Página desconocida