114

El Efecto Loto

تأثير اللوتس: رواية عن جزيئات النانو في أبحاث الطب الحيوي

Géneros

كانت الصورة مهتزة قليلا، لكنها استطاعت أن ترى وجه الشاب بوضوح عندما كبرت اللقطة. كان نحيفا ذا ملامح واضحة تكاد تكون طفولية، له شعر قصير أشقر داكن. قدرت أنه في بداية العشرين من العمر. كان ينظر بفزع نحو الكاميرا.

أوضح يوهانيس: «كانت تلك اللحظة التي رأى بيترا تركض نحوه فيها. لكن نظرا لأنني التقطتها من المقهى فلا يمكن اعتبارها صورة سيئة.»

نظرت زابينة للصورة من فوق كتف فاندا، وقالت بإعجاب: «نظيفة. صورة رائعة لمطاردة، ربما تمكن فولفجانج أن يستخرج منها المزيد بواسطة برنامج الفوتوشوب.»

ابتسم يوهانيس ابتسامة منتصرة وهو يقول: «وأنا عندي فكرة لتتمة المسلسل. لن يهرب مني هذه المرة.»

الفصل الثاني والأربعون

عد القطط في زنجبار

في ذات المساء ذهبوا إلى شقة فاندا وبعثوا بصورة مايك عن طريق البريد الإلكتروني إلى جماعة «والدن أربعة». كان يوهانيس يأمل أن يكون هذا دافعا لإخراج الجماعة من مخبئها، وهذا ما حدث فعلا؛ إذ وصلهم بالبريد العادي عرضا باللقاء في اليوم التالي مباشرة في ماربورج، وقد طالب المرسل - شخص ما يدعى تيد - بتوخي الحيطة. مكان قصي لا جمهور فيه، يفضل في الغابة. على فاندا أن تحضر بمفردها، وأكد أنه سيعود فورا لو لم تلتزم بالشروط.

نال الإحباط من بيترا؛ فقد كانت تظن أن مايك هو من سيحضر. ظلوا في شقة فاندا حتى منتصف الليل يدبرون الخطة لليوم التالي، سيبقى يوهانيس وزابينة بالقرب من فاندا. كانت بيترا تريد الاحتفاظ بوظيفتها في المعمل، وبعد أن اتضح أن مايك لن يحضر قررت أن تلتزم بواجباتها الوظيفية، فالموظفون لا يحظون بمواعيد عمل مرنة. اقترحت زابينة أن يتم تزويد فاندا برابط بينها من خلال الهاتف المحمول وبين محطة عمليات رئيسة. ستجلس زابينة في مقهى البرج وتتصل بيوهانيس مباشرة إن احتاجت فاندا للمساعدة. سعدوا جميعا بفكرتها، وتواعدوا على اللقاء في ظهيرة اليوم التالي في مقهى البرج ليتدربوا على العملية، ثم حل الموعد في تمام الساعة الثانية بعد ظهيرة يوم الثلاثاء. ووقفت فاندا على منصة العرض الخاصة ببرج القيصر فيلهلم.

وكعادة أيام العمل كان اليوم هادئا أيضا، فانتظرت فاندا. أحاطت غلالة رقيقة من الضباب بالمدينة، وكانت فاندا قد اعتادت على أن الشمس لا تنجح في إزاحتها إلا فيما ندر. أحيانا كانت تحضر إلى هنا ظهرا لتقرأ مقالا علميا دون أن يزعجها أحد، أو حتى تعثر على الأسلوب القاطع في صياغة أحد الأبحاث. ضغط ركاب سماعات الرأس على رقبتها، فسحبته إلى الخلف بحذر حتى لا ينزلق الميكروفون المخبأ وراء الرقبة العالية لمعطفها السميك. كان السلك يمتد منه إلى الهاتف المحمول في الجيب الداخلي، أما الهاتف فيخص فولفجانج صديق زابينة وكان مفتوحا. في هذه الأثناء جلست زابينة في مقهى البرج المجاور، في نهاية الطرف الثاني للوصلة، سارت الأمور على ما يرام في البروفة التي أجروها، إلا أن فاندا لم يعجبها عدم تمكنها من سماع زابينة، في حين أن الأخيرة تسمعها. في الأحوال العادية كانت فاندا لتستمتع كثيرا بقدرتها على الثرثرة بالهراء في أذن صديقتها، لكن الآن ودون أي إشارة مسموعة منها شعرت وكأنها تنظر إلى مرآة خاوية مما زاد من توترها، لكنها حاولت أن تهدئ من نفسها بأن هذا الوضع أفضل من لا شيء. وفي حال قطع الاتصال ستقوم زابينة بالاتصال بها على هاتفها، سترن مرتين، بعدها على فاندا أن تحاول إنهاء المقابلة أو أن تتمها في مكان أكثر حيوية. وماذا لو دخلت إلى منطقة ليست بها تغطية للهاتف المحمول؟ أرادت فاندا أن تعرف. هم أيضا فكروا في هذا الاحتمال، إن فشلت التقنية في تتبعها يبقى الاعتماد على المراقبة الحركية التي ستكون على أتم استعداد: لقد كانت مهمة يوهانيس هي حماية ظهر فاندا، وعن طريق محمول آخر ستستطيع زابينة أن تصل إليه طول الوقت.

صار له عشر دقائق وهو يمارس الركض البطيء حول أورتينبورج محاولا إبقاء فاندا في مجال بصره. ورغم أنها شكت في مصداقية تخفيه، فقد سعدت أنها لم تكن وحدها. في الواقع كان الجو أبرد من أن يصلح للركض. لقد كان يوهانيس يتباهى بطبقات الملابس الثلاث التي يرتديها وتخفي بنيته الضعيفة. هذا الامتلاء بالحشو المنفوش، مع سمرة البشرة التي تشبه الجلد المدبوغ، من شأنهما أن يزيلا أي شك في انتماء هذا الكائن إلى الفصيلة المنقرضة من مرتدي حمالات البنطال المرنة، والتي تعتبر كلمة «الهواء الطلق» كلمة أجنبية، والتي تقودها روحها الوثابة نحو الريادة إلى أن تخلف عطرها النفاذ في محطات البنزين، والسوبر ماركت، وأمام أكشاك بيع البطاطس المقلية، لكنك لا تقابل هؤلاء في الغابة إلا نادرا .

Página desconocida