Las leyes psicológicas del desarrollo de las naciones
السنن النفسية لتطور الأمم
Géneros
وهل يدوم بعد السلم ما فرضته الحرب من الاتحاد؟ وهل يغلق إلى الأبد دور الانقسامات السياسية والدينية المقدر؟ وهل نرى ظهور الأحقاد الفظيعة التي أوجبها المتفيهقون المشؤومون المضحون بمصلحة الوطن في سبيل مآربهم الشخصية؟ إن إلغاء المنازعات الداخلية هو شرط أساسي لحياتنا القومية، ونحن نكون عاجزين عن مقاتلة أعدائنا في الخارج إذا ما وجب علينا أن نقاتل أعداءنا في الداخل.
وإذا ما وازنت خصائل عرقنا مساوئه قرر اتجاهه مصيره، ولا حياة لنا بغير محالفات متينة في الخارج وسلم ثابتة في الداخل، وما ينبغي لمجتمع لا يتمتع بالسلم الداخلية أن يعيش طويل زمن، وارجع البصر إلى أغارقة القرون القديمة فإلى بولونيي الزمن الحديث تجد الأمم التي لم تعرف أن تكف عن انقساماتها قد غرقت في العبودية، وأضاعت حتى حقها في أن تكون ذات تاريخ.
مايو 1916
المقدمة
مبادئ المساواة في الزمن الحاضر وعوامل التاريخ النفسية
تقوم حضارة كل أمة على عدد قليل من المبادئ الأساسية، ومن هذه المبادئ تشتق نظمها وآدابها وفنونها، وهذه المبادئ تتكون ببطء كبير كما أنها تزول ببطء كبير، وهي إذا غدت من الأغاليط الواضحة لدى أصحاب النفوس المثقفة منذ زمن طويل ظلت عند الجماعات من الحقائق التي لا جدال فيها، واستمرت على عملها في أعمق طبقات الأمم، والمبدأ الجديد، وإن صعب فرضه، لا يقل فرضه هذا صعوبة عن القضاء على مبدأ قديم، فالبشر يتشبثون تشبثا قاطعا بالمبادئ الميتة والآلهة الميتة على الدوام.
ولم يكد يمر قرن ونصف قرن على الزمن الذي قذف العالم فيه بمبدأ المساواة بين الأفراد والشعوب فلاسفة جاهلون كل الجهل لتاريخ الإنسان الفطري واختلاف مزاجه النفسي وسنن الوراثة.
وقد انجذبت الجماعات إلى ذلك المبدأ كثيرا فلم يلبث أن رسخ في نفوسها وآتى أكله؛ أي إنه زعزع أسس المجتمعات القديمة وأدى إلى أشد الثورات هولا، ورمى العالم الغربي في سلسلة من الاضطرابات العنيفة التي تستحيل معرفة مداها .
ومما لا ريب فيه أن بعض الفروق التي تفصل بين الأفراد والعروق كانت من الوضوح بحيث لا تحتمل الجدل الجدي، ولكنه اعتقد بسهولة أن هذه الفروق هي وليدة اختلاف في التربية، وأن الناس يولدون متساوين صالحين، وأن النظم هي التي أفسدتهم، ولذلك بدا الدواء بسيطا، وهو أن تجدد النظم ويمنح الناس تعليما واحدا، وهكذا لم تعتم النظم والتعليم أن صارا ترياق الديموقراطيات الحديثة ووسيلة معالجة التفاوت المناقض للمبادئ الخالدة التي هي آخر الآلهة في الزمن الحاضر.
وقد تقدم العلم بالحقيقة فأثبت فساد نظريات المساواة وأنه لا يمكن ملء الهوة النفسية التي أوجدها الماضي بين الأفراد والعروق إلا بتراكم الوراثة البطيء إلى الغاية، ومما دلنا عليه علم النفس الحديث بجانب دروس التجربة القاسية هو أن النظم والتربية التي تلائم بعض الأفراد والأمم تكون بالغة الضرر لأفراد آخرين وأمم أخرى، وليس مما يقدر عليه الفلاسفة أن يبطلوا مبادئ سرت في العالم إذا ما قالوا بفسادها، فالفكر يتبع سيره المخرب، ولا شيء يعوق مجراه، وهو في ذلك كالنهر الزاخر الذي لا يحبسه سد.
Página desconocida