النسوة بذلك ان (امرأت العزيز تراود فتاها عن نفسه) (1)، وأظهروا الانكار لفعلها وأشهروا خطأها دعتهن واستضافتهن وأظهرت حبها إياه واستكتمتهن فأظهرنه، وأعتدت لكل واحدة منهن متكأ- أي وسادة-، وقدمت لهن الفواكه أولا، (وآتت كل واحدة منهن سكينا) لتقطيع الفواكه، وكانت قد أجلست يوسف غير مجلسهن، وأمرته بالخروج عليهن في هيأته، ولم يكن يتهيأ له أن لا يخرج لأنه بمنزلة العبد لها، (فلما رأينه أكبرنه) أي أعظمنه وتحيرن في جماله إذ كان كالقمر ليلة البدر (وقطعن أيديهن) (2) بتلك السكاكين، فما أحسسن إلا بالدم، ولم يجدن ألم القطع لاشتغال قلوبهن بيوسف (عليه السلام)، والمعنى:
جرحن أيديهن، وليس معناه أبن أيديهن، لأن هذا مستعمل في الكلام، تقول للرجل: قطعت يدي: أي خدشتها. (3)
ثم قال الله سبحانه: (ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات) - الدالة على براءة يوسف [وهي قد القميص من دبره وجز الأيدي] (4)- (ليسجننه حتى حين) (5)، وذلك ان المرأة قالت لزوجها: إن هذا العبد قد فضحني في الناس، من حيث إنه يخبرهم اني راودته عن نفسه، ولست اطيق أن أعتذر بعذري، فإما أن تأذن لي فأخرج وأعتذر، وإما أن تحبسه كما حبستني.
فحبسه لذلك بعد علمه ببراءته وليظهر للناس ان الذنب كان له لأنه ما يحبس إلا المجرم؛ وقيل: كان الحبس قريبا منها فأرادت انها تكون إذا أرادت
Página 87