من قومه ثمانية نفر.
[ما عاناه نوح (عليه السلام) من قومه]
وفي حديث وهب بن منبه] (1) أن نوحا (عليه السلام) دعا قومه إلى الله حتى انقرضت ثلاثة قرون منهم، كل قرن ثلاثمائة سنة يدعوهم سرا وجهرا فلا يزدادون إلا طغيانا، ولا يأتي منهم قرن إلا كان أعتى على الله من الذين من قبلهم، وكان الرجل منهم يأتي بابنه وهو صغير فيقيمه على رأس نوح فيقول: يا بني، إن بقيت بعدي فلا تطيعن هذا المجنون.
وكانوا يثورون إلى نوح فيضربونه حتى يسيل مسامعه دما، وحتى لا يعقل شيئا مما يصنع به فيحمل ويرمى [به] (2) في بيت أو على باب داره مغشيا عليه، فأوحى الله تعالى إليه: (أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن) (3)، فعندها أقبل بالدعاء عليهم ولم يكن دعا عليهم قبل ذلك فقال: (رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا) (4) إلى آخر السورة.
فأعقم الله تعالى أصلاب الرجال وأرحام النساء فلبثوا أربعين سنة لا يولد لهم [ولد] (5)، وقحطوا في تلك الأربعين سنة حتى هلكت أموالهم وأصابهم الجاهد والبلاء، فقال لهم نوح: (استغفروا ربكم إنه كان غفارا) (6) فأعذر إليهم وأنذر فلم يزدادوا إلا كفرا، فلما يئس منهم أقصر عن كلامهم ودعا عليهم حتى أغرقهم الله سبحانه. (7)
Página 71