184

Consuelo para los afligidos

تسلية أهل المصائب

Editorial

دار الكتب العلمية

Número de edición

الثانية

Año de publicación

١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م

Ubicación del editor

بيروت - لبنان

أكثرتم ذكر هاذم اللذات - يعني الموت - لشغلكم عما أرى، فأكثروا ذكر هاذم اللذات: الموت، فإنه لم يأت على القبر يوم إلا تكلم فيه، فيقول: أنا بيت الغربة، وأنا بيت الوحدة، وأنا بيت التراب، وأنا بيت الدود، فإذا دفن العبد المؤمن قال له القبر: مرحبًا وأهلًا، أما إن كنت لأحب من مشى على ظهري إلي، فإذا وليتك اليوم وصرت إلي، فسترى صنيعي بك، فيتسع له مد بصره، ويفتح له باب إلى الجنة، وإذا دفن العبد الفاجر أو الكافر، قال له القبر: لا مرحبًا ولا أهلًا، أما إن كنت لأبغض من يمشي على ظهري إلي، فإذا وليتك اليوم، فسترى صنيعي بك، فيلتئم عليه حتى يلتقي عليه وتختلف أضلاعه، قال رسول الله ﷺ بأصابعه فأدخل بعضها في بعض، قال: ويقيض له سبعون تنينًا، لو أن واحدًا منها نفخ في الأرض، ما أنبتت شيئًا ما بقيت الدنيا، فينهشنه ويخدشنه، حتى يفضى به إلى الحساب» . «قال رسول الله ﷺ: إنما القبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار» . وروى الحاكم في كتاب الكنى، والقاسم بن أصبغ، «من حديث أبي الحجاج الثمالي، قال: قال رسول الله ﷺ: يقول القبر للميت إذا وضع فيه: ويحك يا ابن آدم! ما غرك بي؟ ألم تعلم أني بيت الفتنة، وبيت الظلمة، وبيت الوحدة، وبيت الدود؟ ما غرك بي يا ابن آدم؟ ! فإن كان مصلحًا، أجاب عنه مجيب القبر: فيقول: أرأيت إن كان يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر؟ فيقول القبر: إني أعود عليه خضرًا ويعود جسمه نورًا، وتصعد روحه إلى رب العالمين» . وقال مجاهد: أول ما يكلم ابن آدم حفرته، تقول أنا بيت الدود، وبيت الوحدة، وبيت الوحشة، وبيت الظلمة، وبيت الغربة! هذا ما أعددت لك يا ابن آدم فما أعددت لي؟ ! وقال أبو الدرداء ﵁: ألا أخبركم بيوم فقري؟ يوم أدخل قبري! وكان جعفر الصادق ﵁ يأتي القبور ليلًا، ويقول: يا أهل القبور، ما لي إذا دعوتكم لا تجيبون؟ ثم يقول: حيل والله بينهم وبين الجواب، وكأني

1 / 192