ذكر فتوح قلعة قطينا من يد العدو المحذول
وفي هذه القلعة ثغر عظيم، وحصن حصين، كان في الزمان الأول محسوبة من جملة قلاع آمد، ثم صارت في يد ملوك الروم، ثم صارت إلى العدو الخذول وفيها نوابهم، وهي مقاعد قتالهم. وما أخذ بمحاصرة قط، وما كان على حصن کرکر أضر ولا أخرى منها ومنذ عاد الملك إلى مولانا السلطان ما برح منكرا في هذه الثغور و إضعافها ومضايقتها واستمالة من بها. و بقي التواب تارة بلاطفونهم ويحاسنوتهم، وتارة مخاشنونهم، ومرة يرهبونهم، حتى تحقق خلوه من غلة. جرد إليها من أجناد کرکر نحو، من مائة راجل بالنوبة فتازلوها واحترزوا عليها لقربها منهم، ولأنها على جانب الفرات من بر الشرق. فلما أبصر أهلها المضايقة وتخلى العدو عنهم، وأهم ما بقي لهم من ينجدهم، وأقاموا مدة بالثغر يأكلون الجنود لعدم القوت، فما وجدوا سبيلا إلا طلب المراحم الشريفة السلطانية، فحصلت الإجابة إلى ذلك. وتسلم نواب مولانا السلطان الثغر منهم في يوم الخميس تاسع عشر شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وثمانين وستمائة، وجردت جماعة من كركر إليها وطلبت لهذا الثغر من كل ثغر جماعة من الرجال ؛ مثل البيرة وعينتاب والراوندان يحضرون للاقامة في هذا التغر، وجهز لهذا الثغر كل ما يحتاجه من المعدة والغلة والزيت والنشاب والطوانت والرماح وغير ذلك من العدد والآلات. وشرع في الاستخدام هذا الثغر من يحفظه من الرجال الثقات الأمناء الشطار لأجل الغارات على آمد والسويدا وغيرها، وسیرت التشار يف لأكابرها، وجعل من الدراهم لإرضائهم. فاعتمد جميع ذلك. وكثرت الغلات في هذا الحصن وجهز المجردون و نفق فيهم سلف شهرين من جامكية وجراية.
Página 27