أكذب مدعي ذلك بقوله: (إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون) (1) ولا معنى لقول من زعم أنه قضى بالمعامي على معنى أنه أعلم الخلق بها إذا كان الخلق لا يعلمون أنهم في المستقبل يطيعون أو يعصون ولا يحيطون علما بما يكون منهم في المستقبل على التفصيل، ولاوجه لقولهم إنه قضى بالذنوب على معنى أنه حكم بها (2) بين العباد، لان أحكامه (3) تعالى حق والمعاصي منهم (4) ولا لذلك فائدة وهو لغو بالاتفاق، فبطل قول من زعم أن الله تعالى يقضي بالمعاصي والقبائح. والوجه عندنا في القضاء والقدر بعد الذي بيناه في معناه أن لله تعالى في خلقه قضاء وقدرا وفي أفعالهم أيضا قضاء وقدرا معلوما ويكون المراد بذلك أنه قد قضى في أفعالهم الحسنة بالامر بها وفي أفعالهم القبيحة بالنهي عنها، وفي أنفسهم بالخلق لها، وفيما فعله فيهم بالايجاد له، والقدر منه سبحانه فيما فعله (5) إيقاعه في حقه وموضعه، وفي أفعال عباده ما قضاه فيها من الامر والنهي والثواب والعقاب، لان ذلك كله واقع موقعه، موضوع في مكانه لم يقع عبثا ولم يصنع باطلا، فإذا فسر القضاء في أفعال الله تعالى والقدر بما شرحناه زالت الشنعة منه، وثبتت الحجة به، ووضح (6) الحق فيه لذوي العقول، ولم يلحقه فساد ولا إخلال.
---
(1) الاعراف: 28. (2) بحار الانوار 5: 99. (3) (أ) (ح) (ز) (ق) (ش): أحكام الله. (4) (ش) (ق): فيهم. (5) بحار الانوار 5: 99. (6) (ش) (ق): وصح.
--- [ 57 ]
Página 56