الشيء، إذا دار، من دورانه. والفاعل من دير بي دائر، ومن أدير بي مدير. والمفعول من دير مدور. ومن أدير مدار، ومصدرهما الدور والإدارة، وهما معروفان. والمستقبل منهما يدور ويدير، يقال: دارت الرحى، ودارت النجوم، ودار الفلك، ودارت الأيام والشهور، ونحو ذلك. وقد أدار ذلك كله مديرها.
وأما قولهم: غم الهلال على الناس؛ فمعناه غُطِّي وسُتر. وكل شيء غطيته فقد غممته. وإنما يكون ذلك في الهلال، من سحاب يكون في السماء، أو غيره أو دخان، أو نحو ذلك. وفي/ الحديث: "صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين". وهي الغمة. ومنه قول الله ﷿: (ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً). فالهلال مغموم؛ لأنه مفعول. ولو استعمل فعل فاعله مع الفعل لقيل: غم السحاب الهلال، يغمه كما قال الراجز:
يا عمرو غم الماء ورد يدهمه
وإنما ذكر هذا؛ لأن العامة تقول: أغمي علينا الهلال، بألف وياء، وهو خطأ. ومن هذا قيل للرجل الكثير شعر الوجه والقفا: أغم، وبه غمم، وقال الشاعر:
فلا تنكحي إن فرق الدهر بيننا أغم القفا والوجه ليس بأنزعا
ومنه قولهم غمام، والواحدة غمامة. ومنه قيل للغم غم.
وأما قوله: أغمي على المريض، فهو على أفعل؛ بالألف، ولكنه أيضًا فعل مفعول لم يسم فاعله؛ ولذلك ضم أوله. وقال: فهو مغمى عليه، ولم يقل مغمى عليه ومعناه: غشي عليه، فهو مغشي عليه، بغير ألف، والفاعل من أغمي مغمّى؛ تقول: أغمى الله عليه،
1 / 108