فجبر، بلفظ واحد، للازم والمتعدي، والفاعل والمفعول. وقدمنا في ذلك ما يغني عن إعادته بعلله وقياسه.
وأما قوله: أهدر دمه، فهو مهدر، فمعناه طل وأبطل دمه؛ إلا أن بين طل وأهدر فرقا؛ وهو أن الإهدار، إنما هو الإباحة من سلطان أو غيره، ولدم إنسان؛ ليقتل بغير مخافة من قود، أو دية، أو طلب به. وقد هدر الدم نفسه، فهو هادر. وإنما ذكره؛ لأن العامة تقول فيه: هدر دمه، بغير ألف، مضموم الهاء، وهو خطأ. وكأنه مأخوذ من قولهم: هدر الشيء إذا غلا وفار. وكذلك هدير الحمامة؛ وهو ما دام ولج من صوته، بمنزلة غليان القدر أيضا. وكذلك المستقيل من الناس، قد هدر دمه. وكذلك يقال له: يغلي دمه.
وأما قوله: وقص الرجل، إذا سقط عن دابته، فاندقت عنقه؛ فقد فسره هو بسقوطه، واندقاق عنقه. وهو فعل لم يسم فاعله. ولو سمي لقيل فيه: وقصته، ووقصت به الدابة. وقد جاء في الحديث "أن رجلًا وقصت به دابته، أو راحلته في أخاقيق جرذان"، فالمعنى/ أنها عثرت وسقطت به فوقص، وهو أن تندق رقبته، فتدخل في فقار ظهره؛ فتقصر، فيصير بمنزلة الأوقص، وهو القصير الرقبة، من غير سقوط، ولكن خلقة. يقال: وقص به يوقص وقصا. وإنما ذكره؛ لتفرق بين فعل الموقوص به، وبين فعل الأوقص؛ وذلك أن الأوقص يقال له: فعل يفعل ففعلًا؛ لأنه بمعنى الانفعال، كنظائره، مثل قولهم: زمن يزمن زمنًا، وعرج يعرج عرجا، وأشباه ذلك، وهذا الآخر فعل لم يسم فاعله، وإنما هو منسوب إلى المفعول، بضم الأول، على مثال فعل يفعل فعلا؛ لأن العامة تضع أحدهما في موضع الآخر.
وأما قوله: وضع الرجل في البيع، يوضع، فمعناه أن يخسر من رأس المال، وهو من
1 / 100