قَالَ شَيْخُ الإسْلامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ: «وأمَّا مَنْ سَبَّ غَيْرَ عَائِشَةَ مِنْ أزْوَاجِهِ ﷺ فَفِيْهِ قَوْلانِ:
أحَدُهُمَا: أنَّهُ كَسَابِّ غَيْرِهِنَّ مِنَ الصَّحَابَةِ.
والثَّاني: وهُوَ الأصَحُّ أنَّهُ مَنْ قَذَفَ واحِدَةً مِنْ أمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ فَهُوَ كَقَذْفِ عَائِشَةَ ﵂ ... وذَلِكَ لأنَّ هَذَا فِيْهِ عَارٌ وغَضَاَضَةٌ على رَسُوْلِ اللهِ ﷺ، وأذَىً لَهُ أعْظَمُ مِنْ أذَاهُ بِنِكَاحِهِنَّ» (١).
وممَّا يُرَجِّحُ القَوْلَ الثَّاني (أنَّهُنَّ مِثْلُ عَائِشَةَ في حُكْمِ السَّبِّ)؛ أنَّه لمَّا كَانَ رَمِيُ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ أذَىً لِلْنَّبِيِّ ﷺ لُعِنَ صَاحِبُهُ في الدُّنْيَا والآخِرَةِ، ولِهَذا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «لَيْسَ فِيْهَا تَوْبَةٌ»؛ لأنَّ مُؤْذِي النَّبِيَّ (لا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ إذا تَابَ مِنَ القَذْفِ حَتَّى يُسْلِمَ إسْلامًا جَدِيْدًا، وعلى هَذَا فَرَمْيَهُنَّ نِفَاقٌ مُبِيْحٌ لِلدَّمِ.
* * *
وممَّا يَدُلُّ على أنَّ قَذْفَهُنَّ أذَىً لِلْنَبِيِّ ﷺ ما خَرَّجَاهُ في الصَّحِيْحَيْنِ في حَدِيْثِ الإفْكِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: فَقَامَ رَسُوْلُ اللهِ ﷺ
(١) «الصَّارِمُ المَسْلُوْلُ» لابنِ تَيْمِيَّةَ (٥٦٧).