ولكن أولئك الأساتذة الذين اعتمدوا على كفايته العلمية لم يتركوه بلا حساب، فقد تدخلوا في تصميم الرسالة وخربوها بأيديهم مرتين، فخرج منها كتاب نشر منذ سنين هو كتاب «المدائح النبوية في الأدب العربي».
والشر قد يكون بابا من الخير في بعض الأحيان. •••
نوقش هذا الكتاب بجلسة علنية في مساء اليوم الرابع من أبريل سنة 1937، ناقشته لجنة عنيفة قهرت المؤلف على التواضع، وهو خلق لم يعرفه من قبل، واقترحت أن يحذف أشياء وأن يضيف أشياء.
وقد رجع المؤلف إلى الكتاب فنظر فيه من جديد وأضاف إليه طائفة من الفصول في الأدب والأخلاق، وحرر بعض الهوامش التي تحدد ما كان يحتاج إلى تحديد في بعض المواطن، وانتفع بإقامته في العراق فتعقب الصلات بين التصوف والتشيع، وقد أعانه ذلك على إمداد كتابه بحيوية جديدة سيرى القارئ شواهدها وهو ينتقل من بحث إلى بحث. •••
هذا، وقد يجد القارئ ما يثيره في مواضع كثيرة من هذا الكتاب، فإن وجد ما يشوكه ويؤذيه فليرجع إلى ما شاكه وآذاه بالدرس والتأمل مرة أو مرتين أو مرات ليوافق أو يعترض على هدى وبصيرة، وليتذكر أن الدراسات الفلسفية لا تقوى ولا تجود إلا إن سلمت سلامة تامة من الرياء وتخوف العواقب.
والمؤلف يرجو أن يتذكر القارئ أيضا أن الصوفية كانوا من أقطاب الحرية الفكرية، فمحاربة هذه الحرية باسم الغيرة عليهم خطأ لا يقع فيه رجل حصيف.
وفي ختام هذه الكلمة الوجيزة أدعو الله تباركت أسماؤه أن يسبغ على هذا العمل الخالص لوجهه الكريم حلة القبول؛ إنه قريب مجيب.
الجزء الأول
دعاء
«اللهم إني أعوذ بك أن أقول قولا حقا فيه رضاك ألتمس به أحدا سواك.
Página desconocida