El Sufismo Islámico y el Imam Shacrani
التصوف الإسلامي والإمام الشعراني
Géneros
هذا هو جانب البناء في صراع الشعراني مع أدعياء التصوف. أما الجانب الآخر فهو الصراع العنيف المر، والمعركة القاسية التي خاض الشعراني غمارها في وجه العاصفة، ويا لها من عاصفة!
فقد روت لنا كتب المناقب أن مصر حفلت في عصر الشعراني بطوائف من الدراويش يخطئهم العدد، واكتظت الشوارع والطرق بمواكبهم، والبيوت بولائمهم، والزوايا والمساجد باجتماعاتهم، وانتشر الشيوخ والأتباع في الريف والحضر، وتغلغلوا في المدن والقرى، وامتد سلطانهم إلى كافة طوائف الشعب، وأضحى المتصوفة فوق القانون، وفوق العرف، وفوق الدين، واقتسموا بينهم مناطق مصر، فاستولى كل ولي على مساحة من الأرض يتصرف في أهلها، ويستغل مواردها.
وكان على الشعب أن يكفلهم ويقوم بحاجتهم، وينظم لهم الموالد والولائم، وقد كان من أظهر مميزات التصوف في هذا العصر تحوله من ظاهرة وجدانية فردية إلى ظاهرة اجتماعية، تتمثل في حياة أتباعه في رحاب الزوايا والتكايا، حيث يعيشون مع زوجاتهم من فيض الأوقاف الضخمة التي تحبس عليهم، والأرزاق التي تجري من أجلهم، وكانت هذه العطايا من الكثرة بحيث أحالت زهدهم رخاء، وتقشفهم ترفا، وكان المتصوف إذا خرج إلى الشارع، أو سار في الأسواق تهافت عليه الناس، وتكاثر حوله عديدهم، وسدوا طريقه، وانهالوا على يديه وقدميه تقبيلا ولثما؛ تقربا إلى الله وزلفى ...
3
ويروي لنا الشعراني من أخلاق هذه الطائفة القوية السائدة عجبا أي عجب، لا نكاد نتصوره في عهدنا مع أنه كان اللون الغالب السائد في عصر الشعراني في دولة المجاذيب والدراويش.
كان الجهل الفاضح، والتحلل الشائن من الدين، بل التمرد على الدين هو طابع الشيخ والمريد في هذا العصر.
يروي لنا الشعراني في معرض الحديث عن جهالة مشايخ الأحمدية والبرهامية في عصره، أنه سأل واحدا منهم عن قواعد الإيمان فقال: لا أدري، فسأله عن فرائض الوضوء، فقال: لا أدري! فسأله عن شروط الصلاة، فقال: لا أدري!
ويقول الشعراني معلقا على هذا: «مع أنه شيخ كبير في زاوية يأخذ العهد ويتصدر الوعظ.»
4
ويحدثنا الشعراني عن شيخ كبير من هؤلاء الشيوخ جاء لزيارة الشعراني، فسأله الشعراني عن بعض مسائل في الدين، فصرح مفاخرا بأنه لم يقرأ في العلم شيئا؛ لأنه يحتقر العلم، ولا يعرف عن شروط الصلاة والوضوء كثيرا ولا قليلا؛ لأنه فوق العبادات.
Página desconocida