El Sufismo: La Revolución Espiritual en el Islam
التصوف: الثورة الروحية في الإسلام
Géneros
يشير بذلك إلى المعتزلة الذين نفوا الصفات الإلهية بمعنى أنهم أنكروا أن لها وجودا زائدا على وجود الذات؛ ولهذا سموا «المعطلة»، ومن الصوفية من فهم من «التوحيد» إفراد الله بالوجود الحق الذي ليس إلى جانبه وجود، ذاتا كان ذلك الوجود الآخر أو صفة أو فعلا، على اختلاف ما بينهم في التعبير عن هذا المعنى وصياغته. فإن بعضهم كان أدنى إلى الاعتدال وأقرب إلى مذهب أهل السنة كالحارث المحاسبي، وبعضهم أشرف على القول بوحدة الوجود كأبي القاسم الجنيد، وبعضهم قال بوحدة وجود سافرة مثل محيي الدين بن عربي، وسنشرح نظريته في وحدة الوجود بالتفصيل فيما بعد.
لمثل هذا تعددت صيغ التوحيد وتباعدت معانيها ومراميها؛ فمن القول بلا إله إلا الله ، وهو الصيغة الإسلامية الأولى البسيطة في دلالتها، ظهرت الصيغ الآتية: (1)
لا إله إلا الله المنزه تنزيها مطلقا من كل ما يتصوره العقل والوهم، وهذا تصور المعتزلة والفلاسفة وبعض الصوفية. (2)
لا فاعل ولا قادر ولا مريد على الحقيقة إلا الله، وهو تصور بعض الصوفية الذين يفهمون توحيد الله في صفاته وأفعاله على هذا النحو. (3)
لا مشهود على الحقيقة إلا الله، وهو قول الصوفية الذين لا يرون شيئا إلا ويرون الله معه. (4)
لا موجود على الحقيقة إلا الله، وهو قول أصحاب وحدة الوجود من الصوفية.
فلا عجب إذن أن نقول إن نظر مفكري الإسلام في معنى «التوحيد» ومبالغتهم في تحليل دقائقه، أدى ببعضهم إلى القول بوحدة الوجود، وأننا لسنا بحاجة إلى البحث عن أصل هذه النظرية عند المسلمين في مصدر خارج عن التفكير الإسلامي كالفيدانتا الهندية ونحوها، وسيتضح هذا الرأي في ضوء ما سنورده من تعريفات المسلمين للتوحيد ومناقشة هذه التعريفات. •••
يقتبس التهانوي صاحب كشاف اصطلاحات العلوم والفنون من كتاب «مجمع السلوك» تعريفا للتوحيد يصح أن نسترشد به في بحثنا هذا ونجعله نقطة البداية في مناقشتنا، فيقول:
التوحيد لغة جعل الشيء واحدا، وفي عبارة العلماء اعتقاد وحدانيته تعالى، وعند الصوفية معرفة وحدانيته الثابتة له في الأزل والأبد؛ وذلك بألا يحضر في شهوده (أي شهود الصوفي العارف) غير الواحد جل جلاله.
9
Página desconocida