El Sufismo: La Revolución Espiritual en el Islam
التصوف: الثورة الروحية في الإسلام
Géneros
3
وحشة السلب، فيحل العجب وتشرد النفس مع الدعوى وتحل العقوبات
4
من المولى. وحقيق على من أودعه الله وديعة من حبه فدفع عنان نفسه إلى سلطان الأمان «أن» يسرع به السلب إلى الافتقاد.
في هذا الشطر الأخير من عبارة المحاسبي مسحة ملامتية واضحة؛ لأن من أهم أصول الملامتية عدم الاطمئنان إلى الأعمال مهما عظمت وبلغت من الصلاح؛ لأن الشعور بالأمان وحسن الظن بالأعمال يولد في النفس العجب ويدفعها إلى الدعوى، ومن أمن على عمله واطمأن إليه صدئت نفسه وقام العمل حجابا بينه وبين ربه، فلا يشعر عند إظهاره لعمله ومباهاته به بوحشة السلب؛ أي وحشة حرمان الله له من حبه وكرامته. فإذا أمعن في عجبه ودعواه، انقلب ذلك السلب المؤقت سلبا دائما، وهو ما يشير إليه المحاسبي بكلمة «الافتقاد».
وتظهر أفكار «الملامتية» مرة أخرى في نظرية المحاسبي في الحب الإلهي في قوله على لسان أحد العباد: «إن النفس إذا حضرت أمرا في القلب من ميراث القربة قذفت فيه أسباب الكدورات.»
5
فإن النفس في تعاليم الملامتية أعدى أعداء الإنسان، فإذا حضرت في القلب - أي حضر جنودها من شهوات ورغبات - وكان في القلب أثر من آثار المحبة الإلهية والقربة، عكرت صفاء القلب ومحت منه ذلك الأثر. فالمحبة لله لا تصفو ولا تخلص إلا إذا تحرر القلب الصوفي من مزاحمة نوازع القلب.
وفي وحدة الحب والشوق وشواهد المحبة يقول المحاسبي:
فلذلك قيل: الحب هو الشوق؛ لأنك لا تشتاق إلا إلى حبيب، فلا فرق بين الحب والشوق إذا كان الشوق فرعا من فروع الحب الأصلي، وقيل إن الحب يعرف بشواهده على أبدان المحبين وفي ألفاظهم وكثرة الفوائد عندهم لدوام الاتصال بحبيبهم. فإذا واصلهم الله أفادهم، فإذا ظهرت الفوائد عرفوها بالحب لله. ليس للحب شبح ماثل ولا صورة فيعرف بجبلته وصورته، وإنما يعرف المحب بأخلاقه وكثرة الفوائد التي يجريها الله على لسانه بحسن الدلالة عليه
Página desconocida