Traducción en el mundo árabe: la realidad y el desafío: en la luz de una comparación estadística claramente significativa
الترجمة في العالم العربي: الواقع والتحدي: في ضوء مقارنة إحصائية واضحة الدلالة
Géneros
ثورة في إنتاج المعرفة والتسارع المذهل في توليدها؛ بحيث إن التمييز بين المجتمعات وقدراتها ينبني على أساس فائض قيمة المعرفة الموظف والمستثمر لتأكيد التمكين والهيمنة. (6)
تلاشي الحدود بين المجتمعات، وما يفضي إليه من تكثف التواصل والتفاعل بين الثقافات، سواء عن طريق الهجرة والسفر أو عبر الميديا، وما يقتضيه هذا من تمكين وحصانة ودينامية وتسامح وحرية تفاعل ووعي علمي بالحقائق عند المواجهة والقدرة النقدية العقلانية عند التلقي (الترجمة).
إنه عصر ثورة تفجر المعلومات، وكوكبية هذه الثورة إنتاجا وفعالية وهيمنة، حتى ليمكن القول: إن البشرية على أعتاب مرحلة تطورية ارتقائية جديدة تعادل مرحلة اختراع الكتابة وما أفضت إليه من تحولات. نحن على أعتاب مرحلة ستغير من البشر - المشاركون في هذه الحضارة طبعا - عصبيا، وتغير من النمط الظاهري
، بل وربما تغير من شروط البيئة المؤثرة في الجينات على المدى الطويل، وسوف تغير كذلك من الاستعدادات العقلية والنفسية، ومن العلاقات الاجتماعية والعلاقات بين المجتمعات. ثورة جديدة في سلم الارتقاء التطوري تبشر القائمين بها وعليها بإمكانات واعدة، وتنذر المتخلفين عنها بتبعية دائمة، وربما ليكونوا نموذجا لكائنات مرحلة تاريخية سابقة.
ويستهل مجتمع/اقتصاد المعرفة نمطا جديدا للإنتاج يغير مصدر خلق الثروات والعوامل الحاكمة للإنتاج. بالأمس كان الحديث عن فائض قيمة العمل كإنتاج، الآن فائض قيمة المعرفة كإنتاج. القيمة هي المعرفة، والعمل المنتج للمعرفة، والعاملين المنتجين للمعرفة، والمعرفة المنتجة للعمل.
ويجسد مجتمع المعرفة صورة جديدة ومميزة للتنظيم الاجتماعي من حيث كيف أو نوع الإنتاج (المعرفة وهضمها وتوظيفها وسرعة التوظيف ومحتواها والمنتج منها)، وكم الإنتاج، ونطاق استثمار المنتج وهدفه. هنا توليد المعلومات/المعرفة ومعالجتها ونقلها وطاقتها التفاعلية هي المصادر الرئيسية للإنتاجية الاجتماعية وصور القوة والهيمنة بفضل ظروف تكنولوجية وعلمية جديدة تهيأت ونشأت خلال الفترة الأخيرة. وأصبحت الإنسانية تتكامل كوكبيا على أساس شبكي بين المشاركين. ويقتضي هذا الأساس توفر الكفاءة والندية. هذا أو إفراز وإخراج من هم دون المستوى ربما ليقنعوا بالتلقي، ومن ثم الاغتراب عن العالم أو الإقصاء والتهميش.
ويمثل مجتمع المعرفة - بصورته هذه - ثورة متسارعة من التكنولوجيا والمعلومة والمحتوى المعرفي بفضل التغذية المتبادلة والتلاحم؛ ذلك أن النظام المعلوماتي يفضي إلى تنام تكنولوجي للتراكم المعرفي، وصولا إلى مستويات أرقى من التعقد في معالجة المعلومات؛ فالتكنولوجيا والمعلومات مترابطتان في جديلة واحدة متنامية صاعدة. وهنا رابطة وثيقة بين الثقافة وقوى الإنتاج؛ إذ لا ثقافة - ثقافة حضارة العصر - بدون قوى الإنتاج (إبداعا وتوظيفا وتطويرا)، ولا قوى إنتاج بدون هذه الثقافة. ويعني هذا أيضا أن الهيمنة ستكون حق مجتمعات المعرفة. فهي بؤرة وركيزة ومصدر عملية توليد المعرفة والإنتاجية، وهي المصدر الفعال للثروة والسلطة والرموز؛ أي الثقافة.
هنا نقول: إن حياة المجتمعات ومستقبلها الآن رهن تمثل واستيعاب ثورة المعرفة كوكبيا. حضارة عصر المعلومات أو عصر ثورة المعرفة وتجلياتها في النظام الاجتماعي؛ أي إعادة تشكيل جذرية لهياكل المجتمعات وعلاقاتها الداخلية الرأسية التراتبية والتحول الجذري إلى نمط جديد للإنتاج يوحد بين التكنولوجيا والمعرفة في صعود متسارع ارتقائي؛ ولهذا فإن الانتماء إلى العصر رهن المشاركة الإيجابية أخذا وعطاء على أساس الكفاءة والندية، وما يقتضيه هذا من تحول في ظروف وشروط التنشئة الاجتماعية والتغذية الفكرية (الثقافية العلمية في التعليم والإعلام ... إلخ)، من حيث نطاقها الكوكبي ومضمونها ومحتواها الداعم والمؤسس محليا. وليس الانتماء إلى الماضي والقناعة به، وليس الاكتفاء بالتلقي في سلبية . وتأسيسا على هذا نقول: إن المستقبل ليس مستقبل نشاط الترجمة منعزلا عن الجماع المنظومي لأنشطة المجتمع، وإنما مستقبل المجتمع حيث الترجمة إحدى التجليات، أو هي آلية من بين آليات الحراك أو التمكين الاجتماعي كما وكيفا، وهي مؤشر أيضا على مدى ما يتحلى به المجتمع من خصوصيات النهم المعرفي ووضوح الرؤية نحو مستقبل مرسوم وقدرة على تعبئة الطاقات والجهود.
لهذا أقول: إن الهوة بيننا وبين المجتمعات المتقدمة هوة معرفية في الأساس، من حيث إبداع وإنتاج وتوظيف المعلومة وإغناؤها بمحتوى معرفي. وليس الفارق كميا - أي كم المعلومات - بل فعالية الإنتاج الإبداعي والقدرة على معالجة المعلومة وصياغتها في نسق معرفي. أعني إرادة فعل التغيير ومقتضيات توفر هذا الفعل لدى إدارة المجتمع والتكوين النفسي والثقافي والعلمي لأفراد المجتمع الذي يخلق بينهم صورة البحث المشتركة. الانتماء والتضافر والفعالية المشتركة المتكاملة. هكذا حتى نكون مشاركين عن أصالة في عملية البناء الحضاري. ومن شروط هذه المشاركة سد الفجوة المعرفية عن طريقين؛ إبداع محلي، وتحصيل المعارف أو المعلومات التي أبدعها الآخرون. تحصيلها وملاحقتها في نهم عقلاني نقدي لتدخل في نسيج البنية المعرفية للمجتمع وتوظيفها اجتماعيا ضمن استراتيجية تحول حضاري لمجتمعنا. وهنا يبرز دور الترجمة وشروط فعاليتها ونجاحها.
هذا هو مناخ العصر، أو السياق الحضاري الذي يتعين أن نتحاور ونتفاعل فيه ونرسم في ضوئه المستقبل، وتكون الترجمة إحدى آليات التمكين، إحدى آليات حشد الطاقات والجهود الفكرية والعلمية والإعلامية والثقافية والإبداعية ... إلخ؛ لتعظيم رأس المال البشري؛ أي الإنسان هدف النهضة وأداتها وضمان الكفاءة والندية للخطو على طريق النهضة. ويبقى هنا سؤال أو أسئلة:
Página desconocida