Traducción en el mundo árabe: la realidad y el desafío: en la luz de una comparación estadística claramente significativa

Shawqi Jalal d. 1450 AH
167

Traducción en el mundo árabe: la realidad y el desafío: en la luz de una comparación estadística claramente significativa

الترجمة في العالم العربي: الواقع والتحدي: في ضوء مقارنة إحصائية واضحة الدلالة

Géneros

ويحفزني إلى هذه الدعوة إيمان بأن المجتمعات العربية لن تتمكن من تشكيل كيان مستقل متميز يساهم في إحياء الفكر الوطني والقومي الثقافي والحضاري في اتساق مع العصر دون نهضة تنموية شاملة تطول مناشط الحياة، ومن ثم تجد تعبيرها الصادق في اللغة التي تغدو لغة تعلم وتفكير وممارسة وإبداع؛ أي لغة إنتاج حضاري علمي جديد، ولن يتأتى هذا بصورة متكاملة وهادفة ودامغة إلا بإنشاء مؤسسة تنسق بين دور الترجمة، قادرة على خلق حركة ترجمة واسعة تستوعب جميع التيارات على اختلافها، وتستقطب الكفاءات، وتجعل لنشاط الترجمة دورا ومكانة في مجتمع يقدر إنتاجها، ويؤازر جهودها، ويتولى أمرها من يؤثرون العلم وصالح الوطن على المغانم الأنانية العاجلة.

شروط نجاح المشروع

وتحقيق هذا لا يتوقف على اعتبارات فنية فحسب، ولكنه يستلزم رؤية سياسية على جميع المستويات؛ الدولة، والمؤسسات، والهيئات، والأفراد في المجتمع؛ حيث تتضافر الجهود قوميا ووطنيا لمواجهة الصعوبات من أجل فرض: (1)

استراتيجية تنموية شاملة تتخذ العلم أساسا وهاديا لها، وتحتل بؤرة الوعي العام، وتقوم على وعي علمي بالتحديات والأهداف. (2)

تحول النشاط العلمي إلى نشاط مؤسسي داخل في صلب هذه الاستراتيجية، وداعم للمناخ العلمي المحيط بالوعي الاجتماعي. (3)

وضع تعليمي يضع نصب عينيه غرس التفكير العلمي منهجا ومبحثا ونظريات. (4)

وضع ثقافي عام تجسده وسائل الإعلام والممارسات الحياتية والانفتاح الفكري على الفكر العالمي بكل صوره المتعددة وبكل تناقضاته معنا. (5)

الحرية وحقوق الإنسان العام؛ ذلك لأن الترجمة في العالم العربي لا تزال جهد دولة مركزية يخضع لسلطانها؛ ولهذا تنزع إلى الترجمة الأدبية أو التقنية التي لا تتعارض مع بطش السلطة؛ السلطة السياسية أو الثقافية الموروثة. وغني عن البيان أن عصر العلم رهن الديمقراطية؛ إذ إن ما قبل المجتمع الديمقراطي نشاط قبل علمي. وكلما اتسع نطاق الليبرالية اتسع نطاق النشاط العلمي بمدلوله ومضمونه الاجتماعيين، وحيث لا توجد نهضة حداثية حقيقية يقل الاهتمام بالجانب العلمي، وتضيق مساحة التفكير العلمي المنهجي.

والإنجاز العلمي يوصف بحق بأنه إنجاز عصر العلم لمجتمع ديمقراطي؛ أي مجتمع الإنسان العام الذي أصبح صاحب حق في المشاركة في صنع القرار ورسم طريق الحياة بناء على فكر حر، وحرية الوصول أو الحصول على المعلومات ونقدها والتمرد العقلاني المنهجي عليها؛ ولهذا فإن البعد السياسي والاقتصادي مكمل للبعد العلمي التعليمي الثقافي. ودون هذه الشروط تفقد الترجمة العلمية الدافع إليها والسوق الرائجة لها.

وأرى أن تكون المؤسسة العربية للترجمة أشبه بالمنظمات غير الحكومية، بعيدا عن سلطة السياسة والساسة كجهاز دولة حاكم، وإن ضمت عناصر منها بحكم دورهم في النشر أو الفكر، وبعيدا عن الفردية كنزعة تنأى عن المشاركة الإيجابية فيما هو اجتماعي.

Página desconocida