El camino de la gloria para los jóvenes
طريق المجد للشباب
Géneros
ولا يعرف لماذا اختار أكسفورد دون السوربون، وربما كان لمركز أكسفورد العالمي بعض الوزن في هذا الاختيار، ويجب أن نذكر أن المسيو بوس يتجه اتجاها عالميا بهذا التبرع العظيم، فلا يمكن أن يتقيد باعتبارات وطنية ، وحسبه من هذه الاعتبارات الوطنية أنه شرط أن يكون ثلث الطلبة من الفرنسين.
ولو أن المسيو بوس كان يعيش قبل 500 أو 1000 سنة وأحس في نفسه بهذه النزعة الكريمة لشيد كنيسة كاتدرائية كبرى، ولكنه يعيش في القرن العشرين حيث قد أنشأ لنا العلم مشكلات يجب أن يحلها العلم لا الدين.
فنحن نعيش في أسر مشكلات اقتصادية وإنتاجية وثقافية عديدة، كما أن عالمنا قد اشتبك حتى لكأننا قطر واحد بل قرية واحدة، فإذا تزعزع الدولار في نيويورك ارتفع ثمن الذهب في القاهرة، وإذا حدثت أزمة في لنكشير انخفض ثمن القطن في الإسكندرية، ونحن نتحدث عن المباراة الحرة للصناعات، وعن التأميم للفحم أو البترول، كما نتحدث عن استخدام الذرة للإنتاج السلمي أو للفتك الحربي، وقد فشت أخلاق جديدة أوجدها الإنتاج الصناعي الآلي، وهي تصطدم بالأخلاق الزراعية القديمة في جميع الأمم، وهذه جميعها مشكلات علمية.
وقد كانت الحرب الكبرى الثانية فرصة للحضانة الفكرية بشأن المستقبل، وقد أحس القادة وقتئذ بأن العالم يحتاج إلى منظمة جديدة تشرف على مصيره وتحل مشكلاته، فكان من ذلك منظمة الأمم المتحدة.
والعالم يزداد ارتباطا ويزداد كذلك مشكلات، ولم يعد علم السياسة أو فنها مقصورا على الاعتبارات الوطنية، ولذلك لا بد من دراسات جديدة لأبناء الجيل الجديد كي يحلوا مشكلاتهم الحاضرة والمستقبلة، ومن هنا قيمة الكلية الجديدة في أكسفورد.
ويجب أن يدرس الطلبة هناك كل شيء يمس هذه الارتباطات والمشكلات الجديدة، ويجب أن يتوفروا على الدراسة، ولا بأس من أن يتخرجوا بعد دراسة علمية في سن الأربعين أو الخمسين على فلسفة بشرية جديدة تنحو بالعالم المرتبط نحو السلم والأمن والرخاء والثقافة.
الفصل الحادي والتسعون
ضريبة الضمير
عندما نرى طفلا يتألم من جرح أو مرض، أو عندما نرى الترام يدوس صبيا ويقطع قدميه، نتأثر ونحزن، وقد نبقى متأثرين أياما، ولكن عندما تروي إحدى الصحف أن خمسين ألف إنسان بين رجل وامرأة وطفل قد ماتوا في الهند أو الصين في المجاعة، نمر بهذا الخبر كما لو كان من الأشياء العادية التي لا تستحق التفكير أو الاهتمام .
وهذا يدلنا على أننا نتأثر بالحس أكثر مما نتأثر بالعقل، بل هذا هو ما يجرئ الطيار على أن يلقي القنابل على المدينة، فهو يعرف أنها سوف تبقر بطون الأمهات، أو تمزق وجوه الأطفال وتحطم أجسام الرجال، يعرف كل هذا بعقله، ولكنه لا يراه بعينيه، ولذلك لا يتأثر، ولو أن هذا الطيار طلب إليه أن يذبح طفلا بيده لاستفظع هذا الطلب ورفض القيام به، مع أنه في كل رحلة حربية يقتل مئات الأطفال أو يصيبهم بجراح أليمة مميتة.
Página desconocida