170

El Camino de las Dos Migraciones

طريق الهجرتين - دار ابن القيم

Investigador

محمد أجمل الإصلاحي

Editorial

دار عطاءات العلم (الرياض)

Número de edición

الرابعة

Año de publicación

١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

Ubicación del editor

دار ابن حزم (بيروت)

Géneros

Sufismo
وأنَّه (^١) تعالى ذَكَرَك فيمن ذكَره من مخلوقاته ابتداءً قبلَ وجودِك وطاعتِك وذكرِك، فقدّر خلقَك ورزقَك وعمَلَك وإحسانَه إليك ويعمَه عليك حيث لم تكن شيئًا البتة.
وذكَرك سبحانه بالإسلام، فوفقك له، واختارك له دون من خذله، قال تعالى: ﴿هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ﴾ [الحج/ ٧٨] فجعلك أهلًا لما لم تكن أهلًا له قطّ، وإنَّما هو الذي أفَلَك بسابق ذكره، فلولا ذكرُه لك بكل جميلٍ أولاكَه لم يكن لكَ (^٢) إليه سبيل.
ومن الذي ذكَرك باليقظة، حتَّى استيقظتَ، وغيرُك في رقدة الغفلة مع النُّوَّام؟
ومَن الذي ذكرك سواه بالتوبة حتَّى وفَّقك لها، وأوقعَها في قلبك، وبعث دواعيك عليها (^٣)، وأحيا عزَماتِك الصادقةَ عليها، حتَّى تُبْتَ (^٤) إليه، وأقبلتَ عليه، فذقتَ حلاوة التوبة وبردَها ولذَّتَها؟ (^٥)
ومَن الذي ذكرك سواه بمحبَّته حتَّى هاجت من قلبك لواعجُها، وتوجَّهتْ نحوَه سبحانه ركائبُها؛ وعمرَ قلبَك بمحبَّته بعد طول الخراب، وآنسَك بقربه بعد طول الوحشة والاغتراب؟
ومن تقرَّب إليك أوَّلًا حتَّى تقرَّبت إليه، ثمَّ أثابك على هذا التقرب

(^١) " ك": "وأنَّ اللَّه".
(^٢) "لك" سقط من "ط" واستدرك في القطرية.
(^٣) "عليها" ساقط من "ك، ط".
(^٤) "ط": "ثُبت".
(^٥) "ط": "لذَّاتها".

1 / 84