قربٌ خاصٌّ غير قرب الإحاطة وقرب البطون.
وفي الصحيح من حديث أبي موسى أنَّهم كانوا مع النبي ﷺ في سفر، فارتفعت أصواتهم بالتكبير فقال: "أيها النَّاس اربعوا على أنفسكم، فإنَّكم لا تدعون أصمَّ ولا غائبًا، إنَّ الذي تدعونه سميعٌ قريبٌ، أقرب إلى أحدكم من عُنُق راحلته" (^١)، فهذا قربه من داعيه وذاكره، يعني: فأيُّ حاجة بكم إلى رفع الأصوات، وهو لقربه يسمعها، وإن خفضت، كما يسمعها إذا رفعت، فإنَّه سميع قريب؟
وهذا القرب هو من لوازم المحبة، فكلَّما كان الحب أعظم كان القرب أكثر (^٢). وقد يستولي (^٣) محبة المحبوب على قلب محبه بحيث يفنى بها عن غيره، ويغلب محبوبه على قلبه حتَّى كأنَّهُ يراه ويشاهده، فإنْ (^٤) لم يكن عنده معرفة صحيحة باللَّه وما يجب له ويستحيل (^٥) عليه، وإلا (^٦) طرق بابَ الحلول إن لم يلِجْه. وسببه ضعف تمييزه، وقوة