وهكذا فشل مدير التعليم في محاولة الإيقاع بي مرة أخرى.
نكبة
معلمات المنصورة بين الإنشاء بإجماع الآراء والإلغاء بإجماع الآراء
كنت أقوم في مدة حضرة صاحب المعالي سعيد باشا ذو الفقار بأعمالي بهمة ونشاط لما كنت أراه من عطفه وتشجيعه، فلم يكن أقل عطفا من سلفه، بل كان أشد تمسكا بالكمال وتشجيعا على المضي فيه شدة القدر القاسي أن ينقل حضرة صاحب المعالي سعيد باشا ذو الفقار، وأن يحل محله من قضى حظي العاثر أن يكون خصمي الدائم العنيد، وما كاد قرار النقل يشاع حتى ذهبت إلى المرحوم المستر دانلوب، وذكرته بوعده السابق، وقلت له: لقد حصل ما كنت أخشاه، ونقل إلي خصمي الأول.
قال: قد علمت ذلك فلا تخافي، وسأقوم بما تعهدت به. وأرسل إليه يقول إن أي ضرر يلحق بي سيعتبره مستشار المعارف موجها لشخصه هو، فلم يستطع المدير أن يقوم بعمل عدائي، ولكنه زار المدرسة في نفس الأسبوع الذي نقل فيه إلى المنصورة، وكان في نظراته وابتساماته ما يدل على التشفي، وما كاد يلقي نظرة علي حتى حياني بابتسامة صفراء قبل أن يمد يده بالتحية، ثم قال وهو يتردد في تحيته: لعلك مسرورة من مركزك الحالي، قلت: نعم مسرورة وسأظل كذلك.
وهكذا زار المدرسة وخرج، وقد حركت تلك الزيارة كوامن قلبينا، وجاءني في اليوم الثاني لزيارته مدير التعليم، فقال لي: لقد ودعت المدير السابق بقصيدة مدح، أفليس من المستحسن أو الواجب أن تستقبلي المدير الحالي بمثل تلك القصيدة؟ قلت: إنه لم يترك لي وقتا لذلك، بل زارني مفاجأة، ولم يكن في مقابلته ما يشجعني على مدحه، ولو أنه حاول نسيان ما مضى في أعماله المستقبلة لوجدت من نفسي بعد ذلك رضا بمدحه والثناء عليه، أما الآن فماذا أقول وقد افترقنا في الماضي على أسوأ حال، واجتمعنا أمس وكل منا على حالته الماضية؟ قال: لا بد أن تحاولي كتابة الموضوع، وسأزورك غدا لأخذ ما يجود به خيالك، ولم يخلف وعده، بل جاءني في الغد فوجد على مكتبي القصيدة التالية:
يا دهر كم تعدو وكم تتقلب
وتفل عزم العاملين وتتعب
إن كان ما تبغيه ذلي فالذي
تبغيه لا يرضاه شهم طيب
Página desconocida