Historia de William el Conquistador
تاريخ وليم الظافر
Géneros
هو ابن رتشرد الأول، وإذ كان أبوه مثقلا بأحمال الحروب مع سلطانه ملك فرنسا مدة ملكه؛ احتاط هو أيضا بالمعارك المستمرة مع أتباعه سادات إمارته وأشرافها، فأرسل يدعو الشماليين لإغاثته كما فعل أبوه، وفي أيامه كانت نار الحرب منتشبة بين السكسونيين والدانيين، فجاء أثلرد مقدام الحزب الأول وزعيمه إلى نورماندي، وهناك تزوج بالأميرة «أما» أخت الدوك رتشرد الثاني - وسيأتي معنا تفصيل نتائج هذا الاقتران - ثم مات رتشرد هذا سنة 1026 عن ابنين: رتشرد وروبرت، وكان وليم الظافر ابن أصغرهما وولد قبل وفاة رتشرد الثاني بسنتين.
الخامس: رتشرد الثالث من 1026-1028:
هذا خلف أباه في الإمارة؛ لأنه كان الأكبر، أما أخوه روبرت فكان إذ ذاك في رتبة بارون، وكان عمر ابنه وليم «وهو الذي تلقب أخيرا بالظافر» سنتين، وكان ميالا كل الميل لأخذ مكان أخيه في الإمارة نظرا لما كان مفطورا عليه من الطمع في الشهرة وحب الارتقاء في سلم السيادة، فاغتنم الفرص واستعمل ما أمكنه من الوسائط في تقصير أيام أخيه، حتى مات فجأة موتا مجهولا يحمل البعض على الظن في أنه كان مسموما، على أنه لم يقم عليه دليل قاطع، وكان ذلك بعد توليه الإمارة بسنتين.
السادس: روبرت من 1028-1035:
هذا خلف أخاه بعد موته كما تقدم معنا، وقد حدته محبة الذات والشهرة على استخدام كل قوة إمارته في مساعدة ملك فرنسا على إخضاع أخيه الأصغر الذي كان يسعى في ذات مشروع روبرت المتقدم ذكره، فأتت مساعدته الملك هنري بنتائج حسنة، وقدرته على قمع عصيان أخيه وكبح جماحه، وجعلته يشعر بالشكر والممنونية لروبرت على هذا الصنع الجميل، ويظل كل أيام حياته مستعدا لإجابة كل مطالبه ومقترحاته، ثم مات روبرت سنة 1035 حين كان وليم ابن إحدى عشرة سنة.
أما ولادة وليم فكانت في غاية البساطة والحقارة مع أنه كان - كما لا يذهب من فكر القارئ - ابن أحد أولئك الأمراء «الدوكات» الذين تولوا مقاطعة نورماندي بكمال السطوة الملوكية والسيادة الباذخة، فإن أمه لم تكن زوجة روبرت أبيه، بل كانت في بدأتها بنتا حقيرة ابنة دباغ من فاليس، ولم يكن أبو وليم حين تزوجها قد تسنم غارب الإمارة، واقتعد متن السيادة، بل كان عندئذ بارونا عند أبيه حتى إنه لم يكن من المحقق أنه سيصير دوكا؛ لأن أخاه الأكبر ولي العهد كان لا يزال حيا، أما كيفية تعرفه (روبرت) بابنة الدباغ هذه، فكانت على الوجه الآتي.
بينما كان روبرت راجعا من سفارة أرسله إليها أبوه لقي بعضا من بنات الفلاحين يغسلن على شاطئ النهر، وكن جميعهن حافيات متسترات بثياب عبث بها الخلق والرثاثة، وكان بينهن بنت دباغ تدعى «أرلت» هذه أسرت ذلك البارون الشاب بجمالها، فرمقها بعين الانذهال والولوع حين مر بهن؛ لأنها كانت حسنة الطلعة جميلة العينين زرقاويتهما، وقد لاحت على وجهها تباشير اليمن والسعادة.
وكانت عوائد تلك الأيام - كما في وقتنا الحاضر - لا تبيح لمن كان شريفا رفيعا أن يتزوج بنت فلاح، وعليه فلم يكن يسوغ لروبرت أن يتخذ أرلت زوجة له، على أنه لم يكن يصده شيء عن أن يأتي بها إلى قصره ويسكنها معه؛ إذ لا يحرم ذلك سوى ناموس الله، وهذا قلما كان الدوكات والأمراء في الأجيال المتوسطة يعيرونه جانب الالتفات والمراعاة، حتى إنه إلى هذا اليوم لا يزال مهملا في البلدان التي ما برحت تحت سيادة الدوكات والأمراء الذين لا يجرون من السنن والشرائع إلا ما يرونه وفق مرغوباتهم وطبق أميالهم.
وبناء عليه فحالما بلغ روبرت القلعة أنفذ رسولا من قبله إلى القرية إلى أبي أرلت يوعز إليه أن أرسل ابنتك إلي، فأسقط ذلك الأب بيده حيرة لا يدري ماذا يفعل، وقيل: إنه كان له أخ راهب أو ناسك، وقد صرف معظم حياته منقطعا للتزهد والتبتل إلى الله في صومعة بقرب فاليس، فأرسل يستدعيه ليستشيره في هذا الشأن، فأشار عليه أن يمتثل أمر الأمير ويجيبه على طلبه كيف كان، وإذ ذاك ألقى ذلك الدباغ المسئولية على عاتق أخيه، وتسلح بمشورته، وسر قلبه بانفتاح هذا الباب الذي قدر لنفسه ولكل عائلته الولوج منه إلى ديار الرفعة والنجاح بواسطة التقرب من ذلك الأمير الخطير، وبادر في الحال إلى تحلية ابنته وتزيينها وتهيئتها كخروف إلى الذبح؛ ليرسلها إلى فاليس.
وهناك أفرزت لها غرفة داخل القلعة ذات كوى وشبابيك تطل منها على الحقول والغياض في السهول الريانة الجميلة، وقد أحبها روبرت محبة شديدة خالصة، وبالغ في إكرامها وإعزازها، ولا سيما بعدما ولدت له وليم.
Página desconocida