La era de los Califas Rectos: Historia de la Nación Árabe (Parte Tres)
عصر الخلفاء الراشدين: تاريخ الأمة العربية (الجزء الثالث)
Géneros
وروى عروة أنه أعتق سبعة ممن كانوا يعذبون في الله، منهم: بلال بن رباح، وعامر بن فهيرة، وزبيرة، وأم عبيس، والنهدية، وابنتها، وجارية بن عمرو بن مؤمل، وكانوا كلهم من الأرقاء الذين أسلموا في الصدر الأول فأخذ أسيادهم يعذبونهم، فبلغ أبا بكر ذلك فاشتراهم وأعتقهم في سبيل الله. وأبرز ما ينبغي ذكره في مناقبه رضي الله عنه: شجاعته الخارقة وقت الأزمات؛ فقد كان لموقفه يوم بدر أثر حميد في تثبيت الإسلام، فقد دافع عن الرسول دفاع المستميت وحماه من سيوف المشركين، وكذلك كان لموقفه يوم الحديبية، فقد أبى أن يخضع لقريش.
وأجل موقف تظهر فيه قوة شجاعته وثباتة موقفه يوم موت رسول الله كما رأينا؛ فقد اضطرب المسلمون كلهم لذلك حتى عمر، ولولا أبو بكر لطاش سهم الناس، واختل أمر الإسلام، ولكن عقل أبي بكر وثباته هما اللذان وطدا أمر الإسلام وقضيا على روح الفوضى التي كادت أن تطغى يومئذ، وما موقفه يوم ارتدت العرب بعد موت الرسول بأقل من موقفه يوم مات، فلولاه لانهدم ركن من أركان الإسلام، ولكن عزمه الصادق ومحافظته على التقيد بأحكام الدين وحفظ سنن سيد المرسلين قد دفعاه إلى قتال المرتدين والمتقلبين، وبعث جيش أسامة لغزو الشام، وما كان أحد غير الصديق يقف بوجه تلك الصدمات ويتغلب عليها بإيمانه وإخلاصه وقوته وجده وعقله.
ومن أجل مناقبه: زهده وورعه؛ فقد كان متقللا في الدنيا، متتبعا سيرة الرسول في البعد عن الملاذ والشهوات، متكفيا بتناول الضروري من الطعام لتقوية بدنه في طاعة الله؛ فقد كان على الرغم مما فتح الله عليه وأفاء على البلاد والعباد من الأموال في عهده زاهدا في الدنيا ورعا عن زهرتها.
قال ابن عباس: مات النبي وعليه إحدى عشرة رقعة بعضها من أدم، ومات أبو بكر وعليه ثلاث عشرة رقعة بعضها من أدم، وقالت عائشة: قال لي أبي في مرض موته: يا بنية، إني كنت أتجر قريش وأكثرهم مالا، فلما شغلتني الإمارة رأيت أن أصيب من هذا المال، فأصبت هذه العباءة القطوانية وحلابا وعبدا، فإذا مت فأسرعي به إلى ابن الخطاب، يا بنيتي ثيابي هذه كفنيني بها، قالت: فبكيت وقلت: يا أبت، نحن أيسر من ذلك، فقال: غفر الله لك، وهل ذلك إلا المهل؟ فقالت: فلما مات بعثت بذلك إلى ابن الخطاب، فقال: يرحم الله أباك، لقد أحب ألا يترك لقائل مقالا، ولقد أتعب من بعده، رضي الله عنه.
عائشة تطري مناقب أبيها وتعددها
روى القاسم بن محمد قال: قالت عائشة تطري مناقب أبيها: لما قبض رسول الله
صلى الله عليه وسلم
اشرأب النفاق وارتدت العرب، وعاد أصحاب محمد كأنهم معزى بحظيرة في حفش، علت وسادتها وأرخت ستارتها، فحمدت الله وصلت على نبيه
صلى الله عليه وسلم ، ثم قالت: أبي وما أبيه، والله لا تعطوه الأيدي، ذاك طود منيف، وظل مديد، هيهات، كذبت الظنون، أنجح والله إذ أكديتم، وسبق إذ ونيتم سبق الجواد إذا استولى على الأمد، فتى قريش ناشئا وكهفها كهلا، يفك عانيها، ويريش مملقها، ويرأب شعبها، ويلم شعثها، حتى حليته قلوبها، ثم استشرى في دينه، فما برحت شكيمته في ذات الله حتى اتخذ بفنائه مسجدا يحيي فيه ما أمات المبطلون، وكان غزير الدمعة، وقيذ الجوانح، شجي النشيج، فانصفت عليه نسوان مكة وولدانهم يسخرون منه ويهزءون به:
الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون ، وأكبرت ذلك ورجالات قريش، فحنت قسيها، وفوقت سهامها، وامتثلوه غرضا فما فلوا له صفاة، ولا قصفوا له قناة، ومضى على سيسائه، حتى إذا ضرب الدين بجرانه، ورست أوتاده، ودخل الناس في دين الله أفواجا، ومن كل فرقة أرسالا وأشتاتا، واختار الله لنبيه
Página desconocida