La era de los Califas Rectos: Historia de la Nación Árabe (Parte Tres)
عصر الخلفاء الراشدين: تاريخ الأمة العربية (الجزء الثالث)
Géneros
وبعث إليهما أبو بكر عكرمة بن أبي جهل مددا بعد هزيمته في اليمامة، فلحق بهما قبل أن يصلا عمان، فلما قاربوا الوصول إلى عمان لحق بهم جيفر في عسكره، واتخذوا «صمار» مقرا لهم، وأخذوا يعدون العدة للقاء لقيط في «دبا»، فالتقى جمعاهم واشتد القتال بين الطرفين، وكاد المسلمون ينهزمون لولا أن بني ناجية أمدتهم بأبطالها، فانهزم المشركون وانتصر المسلمون وغنموا وسبوا وبعثوا إلى أبي بكر بالخمس مع عرفجة، وأقام حذيفة بعمان يرتب أمور المسلمين ويسكن الناس، أما عكرمة فإنه خرج إلى «مهرة» ودعا أهلها إلى العودة إلى الإسلام، فقبل قسم ورفض قسم، فقاتل المرتدين وظفر عليهم وبعث بالخمس إلى أبي بكر.
8
خبر كندة
كانت كندة ممن ارتد عن الإسلام في عهد الأسود العنسي بسبب ما وقع بينهم وبين زياد بن لبيد في أمر فريضة من فرائض الصدقة، فقاتلهم زياد وهزمهم، فاتفقوا مع بني معاوية من كندة على منع إرسال الصدقة إلى المدينة، وأخذوا يحرضون بطون بني كندة على منع الصدقة، فانضموا إليهم إلا آل شرحبيل بن السمط وابنه، فإنهم قالوا: إنه لقبيح بالأحرار التنقل، وإن الكرام ليلزمون الشبهة فيتكرمون أن ينتقلوا إلى أوضح منها مخافة العار، فكيف الانتقال من الأمر الحسن الجميل والحق إلى الباطل القبيح؟! اللهم إنا لا نمالئ قومنا على ذلك. وانتقلا ونزلا مع زياد وقالا له: بيت القوم، فإن لم تفعل خشينا أن يتفرق القوم عنا. فبيتهم في محاجرهم فأصاب رؤساءهم فقتلهم، وهرب منهم جماعات. وعاد المسلمون بالغنائم والسبايا، فمروا على بني الحارث بن معاوية في ديارهم وفيهم الأشعث بن قيس، فخرج إليهم واستخلص السبي منهم، فكتب زياد إلى المهاجر بن أبي أمية يستحثه، فاستخلف المهاجر على جنده عكرمة بن أبي جهل ، ثم قدم على زياد بجيش كبير، فالتقوا ببني معاوية وبني الحارث، فهرب هؤلاء منهم وتحصنوا بالنجير - وهو من أقوى حصونهم - في حضرموت، وحصرهم المسلمون، وأظهر الأشعث بن قيس بطولة فائقة، ثم اضطر أن يطلب الصلح على أن يسلم الحصن بمن فيه على شريطة أن تؤمن تسعة نفر سماهم من الرؤساء، وكتب بذلك كتابا، ولكنه نسي أن يذكر نفسه، فدخل المسلمون الحصن وقتلوا المقاتلة، وغنموا وسبوا وأمنوا التسعة نفر، فإذا الأشعث ليس بينهم، فأراد المهاجر قتله ولكن أصحابه أشاروا عليه أن يكتب إلى أبي بكر في أمره، فأرسل إلى أبي بكر موثقا ليرى رأيه، فأطلقه أبو بكر وعفا عنه وزوجه أخته أم فروة، فأقام في المدينة وشهد الوقائع وأبلى البلاء الحسن، ثم كان مع سعد بن أبي وقاص في فتوح العراق كلها، ولما آل الأمر إلى علي كان الأشعث معه يوم صفين على راية كندة، وحضر معه موقعة النهروان، وورد المدائن، ثم عاد إلى الكوفة فتوفي فيها إثر اتفاق الحسن ومعاوية.
وبعد؛ فهذه حركات فتنة الردة وأخبارها، وقد قضى عليها جميعها أبو بكر بعزمه وحزمه وصدق إيمانه وحسن اختياره للقادة الأبطال الذين بعث بهم للقضاء عليها. ولولا إيمان أبي بكر بسمو هدفه وشرف غايته لتخاذل أمام ذلك التيار المخيف من المرتدين الذين انقضوا على المسلمين يريدون أن يفتكوا بهم، وعلى الإسلام يريدون أن يهدموا أركانه. وقد كان هؤلاء المرتدون قسمين: قسما متعنتا ركبته العصبية الجاهلية فثار طامعا في أن يرجع إلى تقاليده الجاهلية، وهؤلاء طبقة الرؤساء وأصحاب المطامع، وقسما ضعيف الإيمان ينعق مع كل ناعق، رأى أولئك يحرضونه فاستجاب لهم، وقد ضرب له أولئك على وتر حساس وهو الوتر المالي، فتحمس للفكرة ودافع عنها وقاتل في سبيلها. ولكن قوة أبي بكر كانت أشد، فقضت عليهم وعلى فكرتهم الخبيثة.
هذه أسرار فتنة الردة، وأما ما يزعمه المستشرقون من أنها دليل على أن الإسلام قد قام بالسيف والإرهاب، وأن الخوف والنفاق هما اللذان أدخلاهم في الإسلام إلى آخر ما هنالك من ترهات يمليها التعصب؛ فكله باطل لا أصل له أبدا؛ لأن جمهرة أهل الردة لم يكفروا بالإسلام تماما ويرجعوا إلى دينهم الوثني القديم، وإنما طلبوا إسقاط فريضة الزكاة زاعمين أنها نوع من الإتاوة التي لم تطب نفسهم بأخذها منهم، على أن هناك نفرا ارتد عن الإسلام ارتدادا كاملا لا لأنه دخل فيه بالقوة، بل لأنه طمع في الملك والسيطرة، فحاول تلك المحاولة، ولكنه فشل فرجع عنها صاغرا تائبا. (3) أخبار الفتوح الإسلامية في عهده (3-1) فتوح العراق
معركة ذات السلاسل
بعد أن تم للصديق القضاء على فتنة الردة، وأرجع العرب إلى دين الله ووطد قواعد الإسلام في الجزيرة العربية، عزم على أن يتمم خطوات النبي الكريم في نشر راية الإسلام ولواء العروبة في الخافقين، ووجد أن مملكتي الفرس والروم هما أعظم الممالك المجاورة للعرب، وأن هاتين الدولتين قد طغتا واستعبدتا الناس، وأن كسرى أبرويز إمبراطور الفرس لما تلقى كتاب الرسول الكريم مزقه استكبارا وجبروتا، وبعث إلى عامله على اليمن - باذان - أن يبعث إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم
رجلين جلدين يأتيانه به، فتوجها إليه، ولما دخلا إلى المدينة وكلمهما رسول الله دعاهما إلى الإسلام، وأبان لهما أن عاقبة الظلم وخيمة، وأن كسرى ظالم قد علا في الأرض وطغا، وأن الله قد انتقم منه وسلط عليه ابنه شيرويه فقتله، وكان الأمر كما أخبر رسول الله، فلما تحقق الرجلان صدق قول الرسول أسلما.
Página desconocida