La era de los Califas Rectos: Historia de la Nación Árabe (Parte Tres)
عصر الخلفاء الراشدين: تاريخ الأمة العربية (الجزء الثالث)
Géneros
أما سعيد فإنه اهتم بأمر الناس، ورأى أن خير وسيلة لتهدئة الاضطرابات هي في إرسالهم للفتح، فبعث جموعا فيها الحسن والحسين أبناء علي، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وحذيفة بن اليمان، ففتحت طبرستان وصالحهم أهلها، وكان ذلك في سنة 30ه، وسار سعيد نفسه ومعه جمع من كبار الصحابة فيهم حذيفة بن اليمان مددا لعبد الرحمن بن ربيعة الباهلي الذي كان بالباب، فلما بلغوا أذربيجان سير سعيد حذيفة وقام هو ردءا له، فسار حذيفة وغزا وفتح، وفي سنة 32ه، بعث سعيد عبد الرحمن بن ربيعة لغزو الترك والخزر، فأوغل في بلادهم، ثم تجمعوا عليه ففرقوا جيشه وقتلوه، فلحقت فلول جيشه بأخيه سليمان بن ربيعة الباهلي الذي كان سعيد قد أرسله مددا لأخيه، وساروا نحو «جيلان»، و«جرجان» اللتين كان جيش المسلمين يحاصرهما، فأمدوهم وأعانوهم على العدو.
ثم إن سعيد بن العاص رحل إلى المدينة للقاء أمير المؤمنين بعد أن استخلف على الكوفة عمرو بن حريث، فقام جماعة من أهل الكوفة كرهوا ولاية سعيد واتفقوا على التوجه إلى عثمان، فلقيهم سعيد في الطريق وعلم ما يريدون، فسار إلى عثمان وأخبره أن القوم لا يريدونه، وأنهم يحبون أبا موسى الأشعري، فولاه عثمان عليهم، وكتب إلى أهل الكوفة يقول: «أما بعد فقد أمرت عليكم من اخترتم، وأعفيتكم من سعيد، والله لأقرضنكم عرضي ولأبذلن لكم صبري، ولأستصلحنكم بجهدي، فلا تدعوا شيئا أصبتموه لا يعصى الله فيه إلا استعفيتم منه أنزل فيه عند ما أحببتم، حتى لا يكون لكم على الله حجة، ولنصبرن كما أمرنا حتى تبلغوا ما تريدون.» ثم جاء أبو موسى الكوفة، وخطب أهلها وأمرهم بلزوم الجماعة، ولم يزل أميرا عليها حتى مقتل عثمان. (2) البصرة
تولى أمر البصرة في خلافة عثمان أبو موسى الأشعري الذي كان عمر قد ولاه إياها ، فظل فيها إلى سنة 29ه، ثم عزله عثمان بعبد الله بن عامر بن كريز بعد أن ضم إليه عمان والبحرين، ولم يلبث عبد الله بن عامر أن يصل حتى علم بانتقاض أهل فارس بأميرهم عبيد الله بن معمر، فسار إلى فارس وقاتلهم وهزمهم، وفتح إصطخر عنوة، وقتل من أهلها مقتلة عظيمة، ووطئ أهل فارس وطأة لم يزالوا منها في ذل، وفي سنة 31 قتل يزدجرد آخر ملوك الفرس، وأخبار المؤرخين مضطربة في كيفية قتله وأسبابه، إلا أنهم اتفقوا على أنه قتل وحيدا طريدا لم يغن عنه هذا الملك الواسع شيئا، واتفقوا على أنه قتل بيد أعجمية، وكان يتمنى أن لو كان وقع بيد العرب المسلمين، فإنهم كانوا يبقون عليه حيا.
3
وفي تلك السنة (31ه) سار عبد الله بن عامر في جمع كبير لفتح خراسان التي انتقض أهلها حين علموا بمقتل عمر (رضي الله عنه)، فلما وصل إلى «الطبسين» وهما: بابا خراسان، تلقاه أهلها بالصلح فصالحهم، ثم سار إلى قهستان فصالحه أهلها، ثم قصد نيسابور فصالحه أهلها كذلك، ثم بقي هناك ووجه الأحنف بن قيس إلى طخارستان ومرو الروذ، فلقيته جموع كثيرة من الفرس، فمكنه الله منهم، وتمكن الأحنف من فتح الطالقان وبلخ، وسار نحو خوارزم فلم يتمكن من فتحها، فعاد.
ثم رجع ابن عامر إلى البصرة بعد أن فتح الله على يديه ملك فارس كله بعد انتقاضه، وقال: لأجعلن شكري لله على ذلك أن أخرج معتمرا من موقفي هذا، وفي عهد إمارة ابن عامر ظهر عبد الله بن سبأ في البصرة؛ فقد بلغ ابن عامر أن رجلا من اليهود أسلم وأظهر أقوالا غريبة، وأنه نزل في بني حكيم بن جبلة العبدي، وأن له آراء غير مقبولة، فاستدعاه ابن عامر فسأله: من أنت؟ فقال: أنا رجل من أهل الكتاب، رغبت في الإسلام وفي جوارك، فقال: ما بلغني عنك، اخرج عني، فخرج حتى أتى الكوفة، فأخرج منها، ثم أتى الشام فأخرج منها، ثم أتى الحجاز فأخرج منه، فأتى مصر فعشش فيها وباض وفرخ ، وكان له أقوال عجيبة، منها قوله: «عجبت ممن يصدق برجوع المسيح، ولا يصدق برجوع محمد!» وكان هذا ابتداء القول بالرجعة، وكان يقول: «إن عليا وصي محمد وقد غصبه من ولي قبله، فالواجب على المسلمين أن يعيدوا الأمر لأصحابه.» وقد تبعه بمصر وغيرها جمع كثير، وقد لعب دورا كبيرا في إثارة الفتن كما سنرى بعد إن شاء الله.
4 (3) الشام
كان الشام في عهد عمر بيد معاوية، فأقره عثمان على عمله، وانصرف معاوية إلى تقوية الثغور والاستعداد لقتال الروم، ففي السنة الثانية من ولاية عثمان غزا معاوية الروم وبلغ عمورية، وأنزل في الحصون التي بين «أنطاكية» و«طرسوس» ثم رجع، فأمره الخليفة أن يغزي حبيب بن مسلمة الفهري أرمينية وما إليها، فوجهه إليها، وفتح «قاليقلا» وصالح أهلها، ثم كتب إلى عثمان ينبئه أن بطريق أرمينية قد جمع جموعا كثيرة للمسلمين فأمده الخليفة بسلمان بن ربيعة، ومكن الله للمسلمين من الأرض، ففتح الله على أيديهم تلك البلاد حتى بلغ «تفليس» و«أران» و«برذعة» ففتحها صلحا.
وفي سنة 28ه فتح معاوية جزيرة قبرص بعد أن استأذن عثمان فأذن له، وقد كان عمر ينهاه عن ذلك خوفا على المسلمين، وكان في الأسطول العمري نفر كبير من الصحابة أمثال: أبي الدرداء، وشداد بن أوس، وأبي ذر، وعبادة بن الصامت، وزوجته أم حرام بنت ملحان التي أخبرها رسول الله أنها ستكون في أول من يغزو البحر، وقد أمده أمير مصر عبد الله بن سعد بنفسه وبأسطول كبير، فاجتمعا على قبرص، واضطر صاحبها أن يصالحهم على سبعة آلاف كل سنة يؤدون إلى الروم مثلها، لا يمنعهم المسلمون من ذلك، وليس على المسلمين منعهم ممن أرادوهم من ورائهم، وعليهم أن يعلموا المسلمين بمسير عدوهم من الروم إليهم، ويكون طريق المسلمين إلى العدو عليهم، وفي هذه الغزوة ماتت أم حرام، ورجع معاوية بعد أن استعمل عبد الله بن قيس على غزو الروم، فغزا نحوا من خمسين غزوة بين صائفة وشاتية في البر والبحر.
وفي سنة 30ه. شكا معاوية أبا ذر لعثمان؛ لأنه كان يرى أنه لا ينبغي للمسلم أن يكون في ملكه أكثر من قوت يوم وليلة أو شيء قليل ينفقه في سبيل الله، وكان أبو ذر يقوم في أهل الشام ويقول: «يا معشر الأغنياء، واسوا الفقراء وأحسنوا إليهم، وقاسموهم أموالكم ...» وأخذ يحرض الفقراء على الأغنياء حتى خاف معاوية الفتن، فاستدعى عثمان أبا ذر إليه، ثم نفاه إلى «الربذة» بعد أن أقطعه قطعة من الإبل، وأجرى عليه العطاء، فبقي هناك إلى أن هلك رحمه الله. (4) مصر
Página desconocida