La Era de la Prosperidad: Historia de la Nación Árabe (Parte Quinta)
عصر الازدهار: تاريخ الأمة العربية (الجزء الخامس)
Géneros
والناس من يلق خيرا قائلون له
ما يشتهي ولأم المخطئ الهبل
الفصل السابع
المأمون بن الرشيد
198-218ه/814-833م (1) أوليته
هو عبد الله المأمون بن هارون الرشيد، وأمه أم ولد فارسية اسمها مراجل، ولد سنة 17ه في اليوم الذي ولي فيه أبوه الخلافة، وقد اعتنى به أبوه بعد طفولته، فعهد إلى أبي محمد اليزيدي النحوي القارئ المشهور وإلى الكسائي والأصمعي بتعليمه وتهذيبه، كما عهد إليهم بتهذيب أخيه الأمين، فبرزت مواهبه منذ طفولته وحفظ القرآن الكريم وروى كثيرا من الشعر العربي القديم، وأجاد الاطلاع على علوم العرب وآدابهم وأخبارهم، وبرع في علوم الدين من حديث وفقه وتفسير وكلام، كما درس علوم الحكمة والفلسفة والعقائد القديمة الإسلامية.
وفي سنة 183ه ولاه أبوه العهد بعد أخيه الأمين، وضم إليه جعفر بن يحيى البرمكي ليدربه ويثقفه، ثم ولاه خراسان وهو شاب بعد ليمارس الحكم ويتدرب على السياسة بمقتضى السلطة التي منحها إياها أبوه في كتاب العهد، ولما مات أبوه كان ما يزال في خراسان، فجرت بينه وبين أخيه تلك الحوادث والفتن التي فصلناها في بحثنا عن الأمين. (2) بيعته وما أعقبها من أمور
بويع المأمون البيعة العامة يوم مقتل أخيه في 25 محرم سنة 198ه/5 أيلول سنة 814م وكان ذلك في مرو، وكان المدبر للدولة هو الفضل بن سهل السرخسي الذي استوزره وجعله صاحب دولته ومتولي الرأي عنده، وقد رأى الفضل أن أول عمل يجب عمله بعد أن انتهت الفتنة هو إخراج طاهر بن الحسين وهرثمة بن أعين من العراق خوفا من مطامعهما، فكتب إلى طاهر على لسان الخليفة أن يشخص إلى الرقة لمحاربة نصر بن شبث، وأن الخليفة قد ولاه الموصل والجزيرة والشام والمغرب، وكتب إلى هرثمة يدعوه إلى خراسان وأنه قد عهد إلى الحسن بن سهل أخي الفضل بالعراق، والحق أن أحوال العراق قد اضطربت لغيبة الخليفة عنها أول الأمر، وشاعت شوائع زادت في هذا الاضطراب منها أن الفضل بن سهل قد غلب على أمر المأمون، وأنه قد حجبه في قصره لا يراه أحد، وأنه يبرم الأمور دونه، وأنه سيقضي على كل عنصر عربي، فثار لهذه الشوائع بنو هاشم ووجوه الدولة في العراق، وأخذوا يستخفون بالفضل بن سهل وبأخيه الحسن، وعمت الفوضى والفتن في البلاد حتى جاء المأمون من خراسان إلى بغداد كما سنرى تفصيل ذلك فيما بعد. (3) الأحوال الداخلية
بعد مقتل الأمين والمناداة بالمأمون خليفة فكر الفضل بن سهل في نقل العاصمة إلى المشرق في خراسان، وأخذ يعد لذلك عدته، فاضطرب لهذا الأمر العراقيون عامة والهاشميون خاصة، وخافوا أن يعلن الفضل بن سهل نقل حاضرة الخلافة إلى هناك، فأخذوا يفسدون عليه خططه ويستهينون بأوامره ورسائله التي تردهم من المأمون ووزيره الفضل، فحدثت عدة فتن نذكر منها: (1)
خروج محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن العلوي بالكوفة على الخلافة بتشجيع القائد أبي السرايا السري بن منصور الشيباني، فاستولى على الكوفة وطرد عاملها سليمان بن أبي جعفر المنصور، وعظم أمر هذه الفتنة، إلا أن محمدا لم يلبث أن مات فجأة في رجب سنة 199ه فولى أبو السرايا مكانه غلاما من آل البيت العلوي حدثا، هو محمد بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين (عليه السلام) وعظم أمر العلويين وأبي السرايا، وقضوا على جيش الحسن بن سهل حتى ضرب أبو السرايا الدراهم بالكوفة ونقش عليها قوله تعالى:
Página desconocida