La Era de la Prosperidad: Historia de la Nación Árabe (Parte Quinta)
عصر الازدهار: تاريخ الأمة العربية (الجزء الخامس)
Géneros
عنك بالسيف شأفة الأرجاس
فتغير لون أبي العباس وأصابه زمع رعدة، فالتفت بعض ولد سليمان بن عبد الملك إلى رجل منهم، فقال: قتلنا والله العبد، ثم أقبل أبو العباس عليهم وقال: يا بني الفواعل، أرى قتلاكم من أهلي قد سلفوا، وأنتم أحياء تتلذذون! خذوهم، فأخذتهم الخراسانية فأهمدوا إلا ما كان من أمر عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز فإنه استجار بداود بن علي واستوهبه من السفاح.»
والحق أن السفاح كان يريد أن يؤسس دولته، ولا يكون تأسيس الدول بالتسامح والرأفة، بل بالعنف والقوة، فقد كان هو حازما قويا، وكان يوصي عماله أن يكونوا كذلك، وهكذا كانوا فتاكا أشداء وخصوصا أبا مسلم وعمه عبد الله بن علي؛ فقد فتك هذا بأهل الشام فتكا ذريعا، ونبش قبور بني أمية ودرسها، وعمه سلمان بن علي فإنه قتل من أهل البصرة مقتلة عظيمة، وكذلك فعل عمه داود بن علي بأهل مكة والمدينة.
ونحب هنا أن نناقش هذا اللقب الذي أطلق على أبي العباس، وهو «السفاح» فهل صحيح أنه لقب بذلك لكثرة سفحه الدماء؟ وهل كان هذا اللقب معروفا له في زمنه أو أنه حدث بعد ذلك؟
عرفنا أن أبا العباس قد قال في خطبه الأولى: «أنا السفاح المبير»، ولكنه لم يقل ذلك مريدا به سفح أو سفك الدماء، وإنما أراد وصف نفسه بأنه معطاء جواد، سيفرق الأموال في أهل طاعته، وهذا المعنى يؤيده أصل معنى الكلمة لغويا؛ فقد كان العرب في الجاهلية يصفون الكريم بأنه «سفاح للنوق» متلاف للأموال، ولم يذكر أحد من المؤرخين القدامى الموثوق بهم كالطبري واليعقوبي وابن قتيبة والجهشياري له هذا اللقب، وإنما نجده عند كاتب متأخر هو المسعودي، ثم تناقله المؤرخون فيما بعد عن المسعودي، حينما أخذوا يطلقون الألقاب على الخلفاء العباسيين خليفة خليفة، ولما لم يجدوا لأبي العباس لقبا تلقب به إلا الكلمة التي أوردها في أول خطبة له، يقول ابن دحية (ص42 من كتابه النبراس) في حديثه عن المنصور: «هو أول خليفة لقب نفسه وهو أبو الخلفاء.» فهذا النص يبين لنا أن الخلفاء العباسيين قبل أبي جعفر؛ أي في العصر النبوي والأموي لم يكونوا يتلقبون، وأن أول من صنع ذلك هو أبو جعفر، أما من ينبغي أن يطلق عليه لقب «السفاح» حقيقة فهو عمه عبد الله بن علي؛ لأنه هو الذي فتك وسفك وسفح، حتى إنه وصف بذلك منذ القديم، إذ يقول ابن قتيبة الدينوري في معرض الحديث عنه: «ذكروا أن أبا العباس ولى عمه عبد الله بن علي الذي يقال له سفاح الشام.» ويسميه اليعقوبي حين يعدد أولاد علي بن عبد الله بن العباس «عبد الله الأصغر وهو السفاح».
وفي عهد أبي العباس ابتدئ بتنظيم الدولة الجديدة، فتوطد الأمن في الأقاليم كافة، وأخضعت البلاد للنظام الجديد، وقد عهد أبو العباس بذلك لولاته وأكثرهم من الأسرة العباسية أو من كبار شيعتها، وإليك قائمة بأسماء هؤلاء الولاة وأقاليمهم:
أبو جعفر المنصور:
كان أمير الجزيرة وأرمينية وأذربيجان.
داود بن علي:
كان أميرا على الحجاز واليمامة.
Página desconocida