La era del despegue: Historia de la nación árabe (segunda parte)
عصر الانطلاق: تاريخ الأمة العربية (الجزء الثاني)
Géneros
صلى الله عليه وسلم
يشاور أصحابه ويفاوضهم في مهامه العامة والخاصة، يخص من ذلك أبا بكر بخصوصيات أخرى، حتى كان العرب الذين عرفوا الدول ودخلوا لها في كسرى وقيصر والنجاشي يسمون أبا بكر وزيره.
68
وهكذا كان عمر مع أبي بكر، وعثمان وعلي مع عمر، ولكن الاسم لم يطلق عليهم، ولا كانوا ينادون به. (3-2) أمانة السر
اتخذ النبي لنفسه صاحب سر يكاشفه بالأسرار الدولية والقضايا الخاصة التي لا يطلع عليها أحد غيره، ولا غرو فإن النبي كما كانت له صفة النبوة التي تستدعي العصمة عن الخطأ، كان إنسانا يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ويقوم بأعمال البشر ويتصرف بتصرفاتهم، وهو عرضة لكل ما هو للناس من نسيان وخطأ وما إلى ذلك. وقد اتخذ - عليه السلام - في تنظيم شئون الدولة الدنيوية بما تحتاج إليه من مرافق ومقتضيات، كما اعتمد في شئون الدين على ذات الإله سبحانه. وليس بغريب أن يرتب - عليه الصلاة والسلام - لأمور الدنيا ما تقوم به على أحسن وجه، ومن تلك الأمور اختياره طائفة من عقلاء الصحابة وفضلائهم - لأن الصحابة بلا شك كانوا مختلفي الدرجات العقلية والملكات الفكرية والمواهب العلمية - ليكاشفهم ببعض الأسرار التي يرى ألا يطلع عليها غيرهم، فيستفيد بمواهبهم وملكاتهم وعقولهم، ويستعين بذلك على حل بعض المشاكل الدنيوية، أو يتوصل إلى قضاء بعض ما كربه. ومن هؤلاء الرجال أبو بكر وعمر وعلي وسلمان وحذيفة وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص ومصعب وغيرهم. فقد عرف مواهب كل واحد من كبار صحابته، وكان يفضي إليه بما يرى عنده سواء أكان علما يستعين به أو خطة يتمكن بها لتفهم بعض القضايا أو طريقة للوصول إلى حلها. ويظهر أن النبي كان يختص من هؤلاء الرجال المأمونين رجلا يرى فيه الخير ويتوسم فيه حفظ السر؛ وهو الصحابي الجليل أبو حذيفة بن اليمان العبسي (-36ه)، الذي كان يعرف بصاحب سر رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، فقد ذكرت كتب تراجم الصحابة أن حذيفة كان صاحب سر رسول الله، ويروي النسائي في السنن في قصته ذهاب علقمة للشام ولقائه في دمشق لأبي الدرداء، أن أبا الدرداء قال له: أليس فيكم صاحب السر الذي لا يعلمه غيره؟ وقال في أسد الغابة: حذيفة صاحب سر رسول الله في المنافقين، لم يعلمهم أحد إلا حذيفة، أعلمه بهم رسول الله
صلى الله عليه وسلم . وسأله عمر: أفي عمالي أحد من المنافقين؟ قال: «نعم، واحد.» قال: من هو؟ قال: «لا أذكره.» قال حذيفة: فعزله فكأنما دل عليه. وكان عمر إذا ما مات ميت يسأل عن حذيفة، فإذا حضر الصلاة عليه صلى عليه عمر، وإلا لم يصل عليه. ولاه عمر على المدائن، فكانت عادة عمر إذا استعمل عاملا كتب في عهده: «بعثت فلانا وأمرته بكذا.» فلما استعمل حذيفة كتب في عهده: «اسمعوا له وأطيعوه وأعطوه ما سألكم.» فلما وصل المدائن استقبله الدهاقين فقرأ عهده فقالوا: سلنا ما شئت. فطلب ما يكفيه من القوت، وأقام بينهم فأصلح بلادهم وفتح نهاوند سنة 22ه صلحا، وغزا الدينور وماه سبذان وهمذان والري. ثم استقدمه عمر، فلما قرب من المدينة خرج للقائه وعانقه وسر بحالته، ثم أعاده إلى المدائن إلى أن مات فيها، وله في صحيح البخاري ومسلم نحو من 225 حديثا.
69 (3-3) الكتابة
اتخذ النبي لنفسه كتابا متعددين؛ منهم من اختصه بكتابة الوحي، ومنهم من كان يكتب له الرسائل، ومنهم من كان يكتب إلى الأمراء في البوادي، ومنهم من كان يكتب له الإقطاع وكتب العهود والصلح، ومنهم من كان يكتب له أموره الخصوصية. وقد روى بعض مؤلفي السير وكتب الحديث أنه
صلى الله عليه وسلم
Página desconocida