La era del despegue: Historia de la nación árabe (segunda parte)
عصر الانطلاق: تاريخ الأمة العربية (الجزء الثاني)
Géneros
إلا يوما واحدا بعد مرجعه من الشام مدة أبي بكر.
37 (2) الشئون السياسية
اهتم الرسول الكريم بالشئون السياسية، فعني بنفسه بالشئون الخارجية لحكومته، وكان يراقب أحوال العرب واليهود والنصارى خارج العاصمة، وكان أمله الأول هو الاستيلاء على مكة قلب الجزيرة العربية، فعمل كل ما في وسعه، وحالف من حالف ضد قريش حتى تمكن من القضاء عليها. وقد رأينا في الوثيقة المدنية شيئا من العمل السياسي الحكيم الذي قام به من التحالف مع اليهود ضد قريش، ثم إنه - عليه السلام - انصرف إلى عمل كل ما في وسعه لحصر قريش التضييق عليها، وقد رأينا طرفا من أعماله الحربية التي قام بها للقضاء على قريش وأحلافها. ونريد هنا أن نبين بعض الأعمال السياسية التي قام بها - عليه الصلاة والسلام: فمن ذلك أنه بعث عبد الله بن جحش الأسدي الصحابي السياسي الداهية العاقل (-3ه) يترصد قريشا ومعه سرية، وقد كتب له كتابا، وأمره ألا ينظر فيه حتى يسير يومين ثم ينظر فيه فيمضي لما أمره، ولا يستكره من أصحابه أحدا، وكان في ذلك الكتاب: «إذا نظرت في كتابي هذا فامض حتى تنزل نخلة، بين مكة والطائف، فترصد بها قريشا، وتعلم لنا من أخبارهم.»
38
وهذه سياسة حكيمة بارعة سلكها النبي
صلى الله عليه وسلم
خوفا من عيون قريش في مكة ومن المنافقين المقيمين بين ظهرانيه، ولو أشهر أنه فعل ذلك لعلمت قريش بمقدم هذه السرية وفتكت بأصحابها، فقد قال الواقدي: إن النبي
صلى الله عليه وسلم
أمر عبد الله أن يسلك طريقا بعينه وهو طريق النجدية-ركية، فسار فلما بلغ بئر بني خميرة نشر الكتاب وقرأه فسار بمن معه، ولم يتخلف منهم أحد، ورجع سالما مطمئنا بأطيب الأخبار.
ومن أعمال النبي السياسية في تلك الفترة جوابه على كتاب جاءه من أبي سفيان يقول له فيه: «أما بعد، فإنك قد قتلت أبطالنا، وأيتمت أطفالنا، ورملت نساءنا، والآن قد اجتمعت القبائل والعشائر يطلبون قتالك وقلع آثارك، وقد أنفذنا إليك نريد منك نصف نخل المدينة؛ فإن أجبتنا إلى ذلك، وإلا أبشر بخرب الديار وقلع الآثار.»
Página desconocida