La era de la disolución: Historia de la nación árabe (Parte seis)
عصر الانحلال: تاريخ الأمة العربية (الجزء السادس)
Géneros
ومنهم أبو علي الحسن بن علي بن صدقة، وكان فاضلا نحريرا عالما بشئون القوانين، لقبه الخليفة المسترشد بجلال الدين، سيد الوزراء، صدر الشرق والغرب ظهير أمير المؤمنين، وكانت له معرفة بالحساب وأعمال السواد، ومنهم نقيب النقباء علي بن طبرزد الزيبي، وكان فاضلا مشرعا عالما بالقوانين وأسباب الرئاسة، ومنهم الوزير العالم الجليل مؤيد الدين محمد بن محمد العلقمي، وكان أديبا بارعا راوية فاضلا خطاطا، وقد أطنب ابن طباطبا في مديحه وقال: «اتهمه الناس بأنه خامر، وليس ذلك بصحيح، ومن أقوى الأدلة على عدم مخامرته سلامته في هذه الدولة؛ فإن السلطان هولاكو لما فتح بغداد وقتل الخليفة سلم البلد إلى الوزير وأحسن إليه، وحكمه، فلو كان خامر على الخليفة لما وقع الوثوق إليه .»
2
ومن وزراء السلاطين: نظام الملك الحسن بن علي بن إسحاق الطوسي (سنة 485ه)، وكان وزيرا حازما عالي الهمة مدبرا برع في الآداب العربية والفارسية وألف فيهما وسمع الحديث النبوي، وكان ألب أرسلان لا يقطع أمرا دون رأيه، ولما مات وتسلطن ملكشاه صار نظام الملك كأنه السلطان، فأقام على تدبير الدولة عشرين سنة، وكان من حسنات الدهر، فهو أول من أسس المدارس في الإسلام وبغداد والمشرق وأجرى الجرايات على الفقهاء والمتصوفة، وأسقط في زمانه كثيرا من الضرائب الجائرة، وهو الذي أزال لعن الأشاعرة ومنع سب عقيدتهم من المنابر، وكان عميد الملك الكندري قد حسن للسلطان طغرل بك أن يلعن الأشعرية، وهو الذي فتك بالباطنية وأفسد دسائسهم وأمورهم إلى أن قتلوه قرب نهاوند.
ومنهم عميد الملك محمد بن منصور الكندري أول وزراء الدولة السلجوقية استوزره طغرل بك، وكان فصيحا باللغتين العربية والفارسية، ذا ثقافة واسعة وعلم وأدب ونبل، وكان يقوم بالترجمة بين الخليفة والسلطان.
ومنهم كمال الدين محمد بن الخازن الرازي
3
وزير السلطان غياث الدين مسعود، وكان من أحسن الوزراء تدبيرا وعقلا، وقد اطمأنت البلاد في عهده وهدأت.
والحق أن وزراء السلاطين الأول، كانوا من خير الناس، فلما هلك ملكشاه واضطرب أمر الأسرة السلجوقية بعده، فسدت الأمور، وكان من توابع هذا الفساد أن الوزارة قد انحطت، وإليك ما يقول بعض الكتاب عن حق السلطان محمد: «قد كثر تعجبي من السلطان يتأنق في تخير كلاب الصيد وفهوده، وإنما يقتني منها ما يراه موافقا لمقصوده، فيسأل عن فروعه وأصوله وانقطاعه ووصوله، فما باله لا يتخير لإيوانه ومراتب سلطانه من الكفاة الأفاضل والصدور الأماثل!» (3) أحوال الباطنية
نظم الإسماعيليون، الذين عرفنا أمرهم فيما مضى، طريقة سرية للدعوة إلى مذهبهم في أرجاء العالم الإسلامي، وقد كانت هذه الطريقة تعتمد على كثير من الأسرار والأمور المحجوبة، وتفسير القرآن الكريم والآثار الإسلامية تفسيرات لا تعتمد على ظواهر النصوص، بل على الباطن، والمجازات، والاستعارات، والكنايات، وزعموا أن كثيرا من هذه النصوص لا تفهم إلا بالمعلومات المكتومة التي تناقلها الخلف عن السلف عن الأئمة، وأنها لا تعطى إلا لمن يقسم على أن يحفظ في باطنه؛ لأن في هذه العقيدة تعاليم لا يجيزها عامة المسلمين، وأفكارا تخالف ما أجمع عليه أهل السنة والجماعة، كفكرة حلول الألوهية في «إسماعيل»، وانتظار رجعته مهديا، وفكرة تناسخ الأرواح، وفكرة نشوء الكون متجليا عن ذات الله سبحانه، وفكرة المراتب السبعة أو التسعة التي يتدرج فيها المريد حتى يصل إلى درجة الكمال المطلق، وغير ذلك من الأفكار التي ينبغي أن تظل طي الكتمان، ولا يطلع على أسرارها وبواطن دقائقها إلا المخصوصون المأمونون.
وقد رأينا أن عبد الله القداح وأباه ميمونا قد اتخذا مدينة «سلمية» مقرا لحركتهما السرية، بعد مقرها الأول في «البصرة»، وأن هذين المقرين صارا بؤرة للنشاط الإسماعيلي في سائر أنحاء العالم الإسلامي.
Página desconocida