Era del Declive: Historia de la Nación Árabe (Parte Siete)
عصر الانحدار: تاريخ الأمة العربية (الجزء السابع)
Géneros
ولقد قاست بلاد الشام ومصر ويلات شدادا لسوء إدارة ولاتهما وفساد الحكم فيهما.
الفصل السادس
الحالة الاجتماعية والثقافية والإدارية في الجزيرة العربية بعد سقوط بغداد
كانت أكثر بقاع الجزيرة العربية في أواخر العصر الأيوبي خاضعة لحكم هذه الأسرة المسلمة المحافظة التي أعادت إلى الديار المقدسة والجزيرة العربية برمتها رونقها، ورفعت من شأن سكان هذه البلاد الكريمة، وأغدقت عليهم الأموال، وبعثت إليهم بالخيرات وفاخر الأثاث، وجعلتهم يشعرون بعناية الدولة بهم وبتقديرها إياهم، وقد كان أكثر الأمراء الأيوبيين يتنافسون في تقديم الوقوف والهدايا والعطايا لسكان الحرمين خاصة، والمدن الحجازية عامة، وكانوا يحبسون الأحباس الدارة عليهم، حتى عاش أهل هذه البقاع في نعيم وخير، أضف إلى ذلك أن الأمن المستتب كان يسهل انتقال خيرات اليمن السعيدة ونجد الميمون إلى الحجاز، فعاش أهله عيشة هنية، وكثر سكانه، وأخذ كثير من مسلمي الدنيا يؤمونه، ويعيشون في ظلال البيت الحرام والروضة النبوية.
فلما جاء عهد المماليك بعدهم، واضطربت أحوال العالم الإسلامي، أصاب الحجاز ونجدا واليمن ما أصاب سائر الأقطار المجاورة لها، فاشتد الضيق على الأهلين وساءت أحوالهم، ولما أطل القرن السابع، ونكب العراق والشام ومصر بالتتار والصليبيين واضطربت أحوال هذه الديار - امتدت الفوضى والاضطرابات إلى الجزيرة العربية، وبخاصة إلى الحجاز، فإن أهله أخذوا يقاسون الويلات من المعيشة الضنكة والتجارة الكاسدة، وقد نتج عن هذا الفساد الاقتصادي فساد اجتماعي؛ فساءت أخلاق الناس، وكثرت حوادث السلب والنهب، ولاقت قوافل الحجاج وزوار الحرمين من بدو الحجاز وسائر الجزيرة أمورا مقلقة، وكثيرا ما فتك البدو الأشرار بحجاج بيت الله وسلبوهم أموالهم، وملكوا نساءهم وأطفالهم، ولم تمر الجزيرة العربية بعصر أسوأ من هذا العصر؛ فقد تفشت الأمراض الاجتماعية في البادية، وانتقلت منها إلى الحاضرة، وتحكم الأشرار من الولاة والأشراف بالأهلين وساموهم سوء العذاب، وكثرت الفتن وعم الغلاء، وامتلأت صفحات تاريخ الجزيرة بذكر حوادث الغلاء الشديد والبؤس المخيف، ومن أفظع حوادث الغلاء والبؤس والفتن الداخلية حوادث سنة 817ه، فقد اضطر الناس فيها إلى بيع أولادهم كالعبيد ليقتاتوا، وقال بعض المؤرخين: إن هذه السنة كانت سنة فظيعة لما لقي الناس فيها من الغلاء والضيق، ولم يمر بالحجاز عام سوء مثلها سوى عام هجوم القرامطة عليها، وقال أحمد بن زيني دحلان: ولا أعلم فتنة أعظم منها بعد فتنة القرامطة، وكان القائد الذي وقعت الفتنة بسببه يقال له جراد، واتفق أن تلك السنة كانت سنة غلاء، فقال بعض الأدباء في ذلك:
وقع الغلاء بمكة
والناس أضحوا في جهاد
والخير قل فهاهم
يتقاتلون على جراد
1
Página desconocida