La Era del Despertar: Historia de la Nación Árabe (Parte Uno)
عصر الانبثاق: تاريخ الأمة العربية (الجزء الأول)
Géneros
6
أما المعلومات الحقيقية فهي التي اكتشفها المستشرقون المحدثون الذين أسلفنا الحديث عنهم قبلا.
وقد توصل هؤلاء المستشرقون إلى بعض الحقائق التاريخية عن الدولة، وإليك مجمل ذلك: استطاع المؤرخون المستشرقون أن يثبتوا بعض أسماء الملوك المعينيين والسبئيين وأحوالهم السياسية والاجتماعية، ولكنهم لم يستطيعوا أن يؤرخوا أزمنتهم واحدا بعد واحد، كما أنهم لم يستطيعوا ترتيبهم ترتيبا منتظما متسلسلا. وقد حاول بعض العلماء أن يصنفهم إلى أسر وطبقات فلم يوفق، وأرى أن الوقت لم يحن بعد لتقرير ذلك ولا بد من إتمام الحفريات حتى يستطاع عمل تصنيف عملي صحيح.
وقد كانت لهذه الدولة آثار جليلة في العمران والحضارة، على الرغم من أن آثارها لم يتح لها أن تدرس بعد درسا علميا؛ فإن ما اكتشف وكتب عنه إلى اليوم ليدلنا على تقدمهم في مضمار العمران والحضارة تقدما ظاهرا؛ فقد كانت لهم قدم راسخة في هندسة المباني وزخرفتها، وبناء القصور والجسور والحصون والقلاع والأسوار، وتنظيم الخنادق والأقنية، وغير ذلك من الأبنية العامة، كما كان لهم شرائع عادلة في فرض الضرائب وتوزيعها، وفي تنظيم العقود والبيوع والإيجار، والميراث، والتجارة والاقتصاد.
وكانت للمعينيين صلات تجارية قوية مع المصريين، فقد اكتشفت بعض الكتابات التي تدل على أن بعض الجوالي المعينية قصدت إلى مصر للتجارة، كما لهم صلات تجارية وسياسية مع سيناء والحجاز ومشارف الشام ولبنان وسوريا.
وكان نظام الحكم عندهم ملكيا، ويجوز أن يتولى الملك أكثر من ملك واحد، وكان النظام في الولايات لا مركزيا تتولى الحكم في ولاية أو مدينة حكومة مستقلة لها آلهتها وكهونتها الذين كان يقال لهم «عم»، ولها نائب ملك يسمى «كبر »، ولها مجلس نيابي يقال له «مسود» يدير شئونها، ويجتمع فيه الأشراف للحكم بين الناس وإعلان الحروب، وتقرير القوانين والضرائب، وكانت الضرائب عندهم على ثلاثة أنواع: (1)
ضرائب لمنفعة خزانة الملك. (2)
ضرائب لمنفعة الكهنة والمعابد ومن يلحق بها. (3)
ضرائب لمنفعة الشيوخ والحكام، وكان هؤلاء مع الإقطاعيين هم الذين يتولون جمع هذه الضرائب؛ لتقديمها إلى الملك أو الكهنة أو للقيام بالإنفاق على المؤسسات العامة ، وقد كانت للإقطاع أنظمة، فلا تسلم لصاحبها إلا بعد أن تحدد حدودها، وتذكر شروطها، وما يجب على مستغلها من الضرائب.
كما كان لسكان البادية الملحقين بالدولة أنظمة خاصة، وكان شيوخهم يبنون لأنفسهم دورا في الصحراء يتخذونها مجالس، ويجتمع فيها الوجوه والنبلاء للبحث في شئون القبيلة. (2) دولة سبأ وحمير
Página desconocida